للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نحو: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (١)؛ لأنّ الأصل المفردة، وهى تدل على حصول صفة غير ثابتة مقارنة لما جعلت قيدا له، وهو كذلك؛ أما الحصول: فلكونه فعلا مثبتا، وأما المقارنة: فلكونه مضارعا.

ــ

وأما النحاة فلهم تفصيل يوافق بعض ما سبق دون بعض، وهم مختلفون فى كثير من الصور، كما ستراه.

القسم الأول: أن يمتنع الإتيان بالواو، وها أنا أذكر كلام المصنف ثم أذكر ما يرد عليه. قال: وهى إذا كانت فعلية بمضارع مثبت امتنعت الواو نحو قوله تعالى: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ وقوله تعالى: وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (٢)، وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى (٣) وعلله المصنف: بأن أصل المفردة أن تدل على حصول صفة غير ثابتة، مقارن ذلك الحصول لما جعلت قيدا له وهو العامل فيها، أما دلالتها على الحصول فلأنها إثبات والإثبات حصول بخلاف النفى، وأما دلالتها على أنها غير ثابتة، فلكونها هيئة للفعل الذى هو عامل فيها، وهيئة الشئ كالصفة له، وإذا كان ناصب الحال فعلا أو فى معناه، والفعل يدل على التجدد لزم أن تكون صفة ذلك الفعل دالة على التجدد لاستحالة تجدد الموصوف دون الصفة، وما فى معنى الفعل مما ينصب الحال كالفعل فى الدلالة على التجدد، وأيضا فهى منتقلة والانتقال تجدد، وأما أنها تدل على المقارنة فواضح ونعنى به: الحال الحقيقية، أما المقدرة فلا تلزم فيها المقارنة، مثل: رأيت زيدا فى يده صقر صائدا به غدا إلا أن يقال: لا بد من المقارنة إلا أنها فى المقدرة حاصلة مجازا، وإذا ثبت هذا فى الحال المفردة فالفعل المضارع المثبت كذلك؛ لأن المضارع المثبت يدل على حصول صفة غير ثابتة، لأن الفعل يدل على التجدد، بل هنا أقرب؛ لأن دلالة الحال هنا على التجدد بنفسها، ودلالة الحال المفردة باعتبار اتصالها بالفعل العامل الدال على التجدد، ويدل أيضا على المقارنة؛ لكونه مضارعا وهو يصلح للحال، فإذا ثبت أن المضارع المثبت كالحال المفردة - وجب خلوه من الواو، كما وجب خلو الحال - المفردة من الواو، قال فى الإيضاح: ولذلك أى: ولكون الواو لا تدخل على المضارع المثبت إذا كان حالا امتنع، نحو: جاء زيد ويتكلم عمرو، يعنى: لأن الواو لا يصح دخولها فى مثله.


(١) سورة المدثر: ٦.
(٢) سورة الأنعام: ١١٠.
(٣) سورة الليل: ١٦ - ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>