للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغير المفسد؛ كقوله [من الطويل]:

وأعلم علم اليوم والأمس قبله

ــ

الثانى: أن يكون حشوا غير مفسد، وهو ما كان فيه زائد متعين، ولكن ذكره لا يفسد المعنى، كقول زهير:

وأعلم علم اليوم والأمس قبله ... ولكنّنى عن علم ما فى غد عمى (١)

فإن قوله: (قبله) لا فائدة فيه. (قلت): وفيه نظر من أوجه:

الأول: أنه يجوز أن يقال فى قبله: إن له فائدة، كأنه يقول: أعلم ما كان قبل هذا اليوم أى: لا يشغلنى اليوم عن علم منى سابق، فإن قبلية الشئ وصف يؤذن بالاشتغال بالحاضر عنه.

الثانى: أنه يجوز أن يكون الضمير فى قبله، يعود إلى العلم، أى أعلم ما كان أمس، قبل علمى بما كان اليوم، مبالغة فى قوته الحافظة، وأنه يستحضر الماضى، قبل استحضاره الحاضر.

الثالث: أن قبله تأكيد معنوى، والوصف التأكيدى جائز، وليس حشوا، بل هو كقولهم: أمس الدابر، ومثله فى الإيضاح بقوله:

ذكرت أخى فعاودنى ... صداع الرّأس والوصب (٢)

فإن الرأس حشو؛ لأن الصداع لا يستعمل إلا فى الرأس، وقد قيد ابن مالك فى المصباح هذا الحشو بما ليس فيه بديع، فإن كان فيه بديع حسن، كقول المتنبى:

وخفوق قلب لو رأيت لهيبه ... يا جنتى، لرأيت فيه جهنما (٣)


(١) البيت من الطويل، وهو لزهير بن أبى سلمى فى ديوانه ص ٢٩، وشرح المعلقات السبع ص ٦٩، وشرح المعلقات العشر ص ٨٦، ولسان العرب، وتهذيب اللغة ٣/ ٢٤٥، وروايته:
وأعلم ما فى اليوم والأمس قبله ...
(٢) البيت من مجزوء الوافر، وهو لأبى العيال الهذلى فى شرح أشعار الهذليين ص ٤٢٤، وتهذيب اللغة ٢/ ٢٠٤، ولسان العرب (ردع)، وتاج العروس (ردع)، ويروى عجزه:
رادع السقم والوصب.
(٣) البيت من الكامل، وهو لأبى الطيب المتنبى فى شرح ديوانه ١/ ٧٥، وروايته فيه: (يا جنتى لظننت) بدلا من (يا جنتى ورضت فذلت صعبة أى إذلال) -

<<  <  ج: ص:  >  >>