للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إما لمجرد الاختصار؛ نحو: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١)، أى: أعرضوا؛ بدليل ما بعده، أو للدّلالة على أنه شئ لا يحيط به الوصف، أو لتذهب نفس السامع كلّ مذهب ممكن، مثالهما: قوله تعالى: وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ (٢)، أو غير (٣) ذلك؛ نحو قوله تعالى: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ (٤) أى: ومن أنفق بعده وقاتل؛ بدليل ما بعده.

ــ

إما لمجرد الاختصار، نحو قوله تعالى: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أى: أعرضوا، بدليل قوله تعالى بعد ذلك: مُعْرِضِينَ (٥).

ولك أن تقول: يمكن أن يكون من القسم الثانى بأن يكون حذف إشارة إلى أنهم إذا قيل ذلك فعلوا شيئا لا يحيط به الوصف، وإما لقصد أن يذهب السامع كل مذهب ممكن، فلا يتصور مطلوبا، ولا مكروها، إلا ويجوز أن يكون الأمر أعظم منه، بخلاف ما لو اقتصر على ذكر شئ، فربما خف أمره عنده، ومثله المصنف بقوله تعالى: وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ.

وقول المصنف: (مثالهما) يحتمل أن يريد هذا المثال صالح لهما على البدل، وإنما هو لأحدهما، ويحتمل أن يكون ذكر هذين المعنيين، لأنهما عنده واحد أو يتلازمان. ولك أن تقول: الفصاحة هاهنا حصلت من حذف متعلق الجواب، لا من حذف الجواب نفسه؛ لأنك لو قلت: لرأيت وحذفت المفعول لحصل هذا المعنى.

قال السكاكى: ولهذا المعنى حذفت الصلة من قولهم: جاء بعد اللتيا والتى أى:

بعد الشدائد التى بلغت فظاعتها مبلغا يبهت السامع، فلا يدرى ما يقول.

السادس: أن يكون حذف جزء الجملة لغير ذلك، كقوله تعالى: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أى: ومن أنفق من بعده وقاتل، بدليل ما بعده، وإنما كان هذا جزء جملة؛ لأن الموصول وصلته فى حكم المفرد.

ومن هذا الباب أيضا حذف الموصول، كما قيل فى قوله تعالى: وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ (٦) وقول حسان رضى الله عنه:


(١) سورة يس: ٤٥.
(٢) سورة الأنعام: ٣٧.
(٣) أى المذكور كالمسند والمسند إليه والمفعول كما فى الأبواب السابقة وكالمعطوف مع حرف العطف.
(٤) سورة الفتح: ١٠.
(٥) سورة يس: ٤٦.
(٦) سورة الرعد: ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>