للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم: أنه قد يوصف الكلام بالإيجاز والإطناب باعتبار كثرة حروفه وقلّتها، بالنسبة إلى كلام آخر مساو له فى أصل المعنى؛ كقوله [من الطويل]:

يصدّ عن الدّنيا إذا عنّ سؤدد ... ولو برزت فى زىّ عذراء ناهد (١)

وقوله [من الطويل]:

ولست بنظّار إلى جانب الغنى ... إذا كانت العلياء فى جانب الفقر (٢)

ويقرب منه قوله تعالى: لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ (٣)

ــ

ص: (واعلم أنه قد يوصف الكلام إلى آخره).

(ش): قد يوصف الكلام بالإيجاز والإطناب معا باعتبار كثرة حروفه وقلتها بالنسبة إلى كلام آخر، يحتمل أن يريد بالنسبة إلى كلامين آخرين مساويين له فى المعنى، حتى يكون موجزا بالنسبة إلى أحدهما، مطنبا بالنسبة إلى الآخر، كقول أبى تمام:

يصدّ عن الدّنيا إذا عنّ سؤدد ... ولو برزت فى زىّ عذراء ناهد

فإن البيت فيه إطناب بنصفه الثانى، وفيه إيجاز بنصفه الأول، لأنه يعطى معنى ما جعله أبو على الحسن الكاتب فى بيت، وهو:

ولست بنظّار إلى جانب الغنى ... إذا كانت العلياء فى جانب الفقر

ويحتمل أن يريد أن الكلامين يعتبر أحدهما بالآخر من غير اعتبار كلام الأوساط، بل الأقل. وكان المصنف مستغنيا عن ذكر هذا بقوله فيما تقدم عن السكاكى، أن الاختصار قد يكون باعتبار أن الكلام خليق بأبسط منه، ثم قال المصنف: ويقرب منه قوله تعالى: لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ بالنسبة إلى قول الحماسى، وهو الجلاح عبد الملك بن عبد الرحيم الحارثى:


(١) البيت لأبى تمام.
(٢) البيت لأبى سعيد المخزومى.
(٣) سورة الأنبياء: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>