وإن وجدت لم تكن أوضح منها، وإن لم يفهمها السامع، فلا وضوح فلا تفاوت، ونحو:
العقار الخمر، إنما يقال لمن يعرف مدلول الخمر، ولا يعرف مدلول العقار.
(قلت): ربما كان أحد التركيبين الوضعيين أوضح؛ لشهرته وكثرة استعماله، أو لكونه مفسرا بغيره، أو لكون أحد اللفظين المترادفين مشتركا بين المعنى المستعمل وغيره، فيكون مرادفه أوضح منه فيتأتى حينئذ ذلك بالوضعية. وقد يجاب بأن المفسر والمفسر مختلف؛ لأن المفسر بالكسر يدل على المفردات، والمفسر مدلوله الهيئة الاجتماعية. وقد يجاب عن الوضوح بكثرة الاستعمال بأن ذلك اختلاف لأمر عارض.
وفى شرح الشيرازى أنه لا يقال: ربما يزداد الوضوح وينقص بزيادة الألفاظ ونقصها؛ لأن اللفظ إذا زيد عليه، فقد زاد المعنى. وفيما قاله نظر؛ بل التحقيق أن المدلول مختلف بالتفصيل والإجمال، كما سبق، ثم يرد عليهم ما سيأتى إن شاء الله.
ثم الدلالة الوضعية قد تكون نصا، وقد تكون ظاهرا. ورتب الظهور متفاوتة، فإن مراتب الوضوح متفاوتة فى قولك: جئت لأجل إكرامك، وإكراما لك، ولإكرامك وبإكرامك فالأول نص فى العلية، والثانى ظاهر قوى، والثالث ظاهر ضعيف، والرابع أضعف، ودلالة كل منها على النسبة بالمطابقة. ولهذا السؤال زاد الطيبى فى الحد فى وضوح الدلالة التركيبية قال: لأن الدلالات الوضعية، وإن اختلفت فى الوضوح فبحسب لفظة مع أخرى، أما المعنى التركيبى بعد علم المفردات فلا يتفاوت.
(قوله: ويتأتى) أى: اختلاف طرق الإيراد. (بالعقلية، لجواز أن تختلف مراتب اللزوم فى الوضوح) أى: وإنما يتأتى بالدلالات العقلية؛ لجواز أن يكون للشئ لوازم بعضها أوضح لزوما من بعض، وإنما قال الدلالات، وإنما هى
دلالتا الالتزام والتضمن، باعتبار جزئياتها، فإن قلت: ذكر حكم الدلالتين واستدل لدلالة اللزوم فقط.
(قلت): لأن الجزء لازم للكل، ولك أن تجعل هذا سؤالا فى أصل التقسيم، ونقول:
إن دلالة الالتزام تشمل دلالة التضمن. ولما وجد الشارحون المصنف قال: إنما يتأتى ذلك بالعقلية، وذكر أنها تتأتى فى دلالة الالتزام، توهموا أن دلالة التضمن، ليست كدلالة الالتزام. وليس كذلك، بل الذى يظهر أنها تتأتى بدلالة العقلية، تضمنا كانت، أم التزاما. فإن دلالة الإنسان على الحيوان، أظهر من دلالته على الجسم، وإن