للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ميزان القوم" إن القوم ومما يشهد لك من الأمور النقلية أن ابن مالك قال فى شرح الكافية: إذا قلت مشيرا إلى شخص: هذا أسد، ففيه ثلاثة أوجه:

أحدها: تنزيله منزلة الأسد مبالغة، دون أداة تشبيه، وأنشد:

لسان الفتى سبع عليه سداده ... فإن لم يزع عن غربه فهو آكله

الثانى: أن ينوى أداة التشبيه، أى زيد مثل الأسد، وفى هذين الوجهين، لا ضمير فى أسد.

الثالث: أن يتأول أسد بصفة وافية بمعنى الأسدية، ويجرى مجرى ما أولته، فيحتمل الضمير، أما إذا أشرت لحيوان مفترس، فلا يتحمل ضميرا، انتهى.

وهذا الذى قال هو الحق الذى لا محيص عنه، فظهر بذلك صحة ما قلناه من أن:

زيد أسد يصح أن يكون تشبيها، وأن يكون استعارة، بحسب المقام. لا يقال: إنما جوز ابن مالك الاستعارة فى: هذا أسد؛ لأن اسم الإشارة لا يصرف عن الحقيقة، كما أن زيدا يصرف؛ لأنا نقول: قد مثل بقوله: لسان الفتى سبع، واللسان كزيد فى صرفه عن إرادة الحقيقة. ثم إن المصنف صرح فيما سيأتى فى التلخيص والإيضاح، بأن قولنا:

الحال ناطقة بكذا استعارة، وهو مخالف لهذا الكلام. وذكره فى الاستعارة التبعية. وأما الوجهان اللذان ذكرهما المصنف مستدلا بهما على أن: زيد أسد تشبيه، فالذى يظهر:

أن الأول هو الثانى، وأما قولهم: إنه تشبيه بليغ، فهو على العكس. فإن البلاغة لا تكون عند تقدير أداة التشبيه، والذى يظهر من كلامهم، أنا إذا جعلناه تشبيها، كانت الأداة مقدرة مع اللفظ، وحينئذ: فكيف يكون بليغا، والكلام حقيقة، والاستعارة أبلغ من الحقيقة بلا نزاع؟ وإنما البليغ إرادة الاستعارة، وادعاء أن المشبه فرد من أفراد

المشبه به.

نعم التشبيه المحذوف الأداة أبلغ من المذكور الأداة؛ لما فيه من الإيجاز. وأما أنه أبلغ من الاستعارة، فلا. وأما قول ابن مالك: إنه يجوز فى: زيد أسد؛ أن يكون تشبيها محذوف الأداة، وأن يكون مرادا به الرجل الشجاع، وأن يكون تنزيلا له منزلة الأسد مبالغة، فقد يستشكل الفرق بين الثانى والثالث، فيقال: إذا أردت به الرجل الشجاع، فقد نزلته منزلة الأسد، وجوابه بأحد أمرين:

<<  <  ج: ص:  >  >>