للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل (١): ومن الكراهة فى السمع؛ نحو [من المتقارب]:

كريم الجرشّى شريف النّسب (٢)

ــ

(قوله: قيل: ومن الكراهة فى السمع نحو كريم الجرشى شريف النسب).

يشير إلى قول المتنبى:

مبارك الاسم أغرّ اللّقب ... كريم الجرشّى شريف النّسب (٣)

فإن السمع يمج الجرشى، والمراد بها النفس، وربما مج السامع الكلمة، وتبرأ منها كما يتبرأ من سماع الصوت المنكر، وربما استلذ بسماع بعض الألفاظ.

(قوله: وفيه نظر) يريد أن الكراهة من جهة الصوت لا تعلق لها بالفصاحة، لأن السمع قد يستلذ بغير الفصيح بحسن الصوت وبالعكس، فإن كان كراهة الجرشى لاستغرابه، فقد دخل فيما سبق. قال الخطيبى هذا على ما بناه من أن الكراهة فى السمع راجعة إلى الغنم. ويجوز أن تكون راجعة إلى اشتمال اللفظ على تركيب ينفر الطبع عنه فتكون الكراهة فى السمع حينئذ راجعة إلى نفس اللفظ. قلت: هذا القسم الذى فرضه، لا يوجد إلا فى الكلام، فإن نفرة الطبع عن تركيب الكلمة إنما تكون لتنافر حروفها، وقد تقدم الاحتراز عنه، وهو إنما يتكلم الآن فى فصاحة المفرد على أنا نمنع الكراهة فى لفظ الجرشى، وقد ذكر حازم كراهة لفظ الجرشى، وعلله بتتابع الكسرات، وتماثل الحروف، وكونها حوشية.

(تنبيه): قد ذكر العلماء أمورا، بعضها يمكن أن يقال: إن الخلوص منه شرط لفصاحة المفرد، وبعضها لا يمكن ادعاء ذلك فيه؛ لوروده فى القرآن الكريم، وما قاله الزوزنى فى شروح التلخيص من أن الكلمة غير الفصيحة، قد تقع فى القرآن الكريم زلة قدم، وكذلك ما وقع فى كلام الطيبى فى سورة الأنعام وفى كلام ابن عصفور مما يوهم ذلك، منها أن تكون متوسطة بين قلة الحروف وكثرتها، والمتوسطة ثلاثة أحرف فإن كانت الكلمة على حرف واحد، مثل: قه - فعل أمر فى الوصل - قبحت، وإن


(١) أى قيل: فصاحة المفرد خلوص مما سبق ذكره، وأيضا من الكراهة فى السمع.
(٢) البيت للمتنبى، وهو فى مدح سيف الدولة، والجرشى: النفس.
(٣) البيت من المتقارب، وهو للمتنبى فى ديوانه ٢/ ١٩٨، ط. دار الكتب العلمية، وشرح عقود الجمان ١/ ١١، والإيضاح ص ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>