للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الإنسانية، ولهذا القسم قال المصنف: غير خارج عن حقيقتيهما، ولم يقل: داخل؛ لأن الكل لا يقال: إنه داخل فى الكل، وإليه أشار بقوله: (فى نوعهما) وأما جزء الحقيقة الذى هو المشترك كتشبيه الفرس بالإنسان، وهو المراد بقوله: أو جنسهما أو جزؤها المميز، كتشبيه زيد بعمرو فى كونه ناطقا، وهذا لم يتعرض له المصنف، وكأنه تركه؛ لأن الاشتراك فى النوع يلزمه الاشتراك فى الفصل، لكنه قد يكون المرعى فى وجه الشبه هو المميز فقط،

وإن كان المتشابهان متحدين بالنوع تقول: زيد كعمرو نطقا، وتقول: إنسانية، وتقول: حيوانية. فإن قلت: كيف يشبه زيد بعمرو فى الإنسانية، والتشبيه إنما هو الدلالة على مشاركة أمر لآخر، والإخبار عن إنسان بأنه مشارك لآخر فى الإنسانية لا فائدة فيه، وأيضا فوجه الشبه من شأنه أن يكون فى المشبه به أتم منه فى المشبه، والإنسانية ونحوها يستحيل فيها التفاوت؛ لأن أشخاص النوع الواحد لا تفاوت فيها، لا يقال: يصح أن يقال: إنسانية زيد أكثر من إنسانية عمرو؛ لأن المعنى بذلك ما يتفاوت فيه من الصفات الخارجية، وليس الكلام إلا فى وجه غير خارج عن الحقيقة.

قلت: لعل المراد أن يكون المشبه مجهول الإنسانية للسامع فيقول: هذا كزيد فى الإنسانية - أى هو إنسان، وإذا اتضح لك الجواب فى هذا فهو بالنسبة إلى المشابهة فى الجنس، أو الفصل أوضح. على أن السكاكى لم يصرح بذلك، إنما قال ما نصه: لما انحصر التشبيه بين أن يكون الاشتراك بالحقيقة، والافتراق بالصفة مثل جسمين أبيض وأسود، وبين أن يكون الاشتراك بالصفة والافتراق بالحقيقة، مثل طولين جسم وخط، والوصف بين أن يكون حسيا وغيره ظهر أن وجه التشبيه يحتمل التفاوت. اهـ ملخصا.

وهذه العبارة وإن كان ظاهرها أن ما به الاتفاق بالحقيقة يكون وجه التشبيه، فهى غير صريحة؛ لاحتمال أن يريد أن من شأن طرفى التشبيه أن يتفقا بالحقيقة ويختلفا بالصفة، لا أن الاتفاق بالحقيقة يكون هو وجه الشبه. ومن تأمل كلامه، وتقسيمه الوصف بعد ذلك جوز هذا الاحتمال فليراجع. ومما يوضح أنه لا يصح تشبيه شخص بشخص فى النوعية أن عبد اللطيف البغدادى قال فى قوانين البلاغة: تشبيه نوع بنوع ونوع بجنس وجنس بنوع، ولا يشبه شخص بشخص من جهة ما هما تحت نوع واحد قريب يعمهما، بل من جهة حالة يشتركان فيها هى فى أحدهما أبين اه.

<<  <  ج: ص:  >  >>