للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفيما طرفاه مركّبان؛ كما فى قول بشّار [من الطويل]:

كأنّ مثار النّقع فوق رءوسنا ... وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه

من الهيئة الحاصلة من هوىّ أجرام مشرقة مستطيلة متناسبة المقدار متفرّقة، فى جوانب شئ مظلم.

ــ

(قلت): ولقائل أن يقول: ليس الوجه هنا هيئة حاصلة كما ذكر، بل هذه أوجه متعددة كل مستقل، والسقط ما سقط من النار عند القدح، وعاورت - أى جاذبت، وأبوها زندها - أى عالجنا الزند حتى ورى، واستدل الفراء بهذا البيت على أن سقط النار يذكر ويؤنث.

ص: (وفيما طرفاه مركبان كما فى قول بشار).

(ش): أى: والوجه المركب فيما طرفاه مركبان، والظاهر أنه يريد القسم الثانى من المركب، وهو ما كان أوصافا، يجتمع منها هيئة فى الذهن، كما فى قول بشار بن برد:

كأنّ مثار النّقع فوق رءوسنا ... وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه (١)

قال عبد اللطيف البغدادى: قال بشار: مذ سمعت.

كأنّ قلوب الطير رطبا ويابسا

لم يقر لى قرار، حتى قلت هذا البيت، وذكر ابن جنى فى مجموعه عنه نحوه.

وأنشد ابن جنى فى مجموعه فوق رءوسهم وأسيافنا، وكذلك أنشده الخفاجى فى سر الفصاحة، وابن رشيق فى العمدة، وهو أحسن من جهة المعنى، بل متعين؛ لأن السيوف ساقطة على رءوسهم فلا بد أن يكون النقع على رءوسهم، ليحصل التشبيه.

وقوله: (من الهيئة) بيان لما - أى كالذى فى قوله: من الهيئة الحاصلة من هوى أجرام مشرقة مستطيلة متناسبة المقدار متفرقة فى جوانب شئ مظلم، مركب من سبعة:

هوى، وأجرام، ومشرقة، ومستطيلة، ومتناسبة، ومتفرقة، وفى ظلمة، والنقع التراب فجعل هيئة التراب الأسود، والسيوف البيض فيه كالكواكب فى الظلمة.


(١) البيت لبشار بن برد، فى ديوانه ١/ ٣١٨، والمصباح ص ١٠٦، ويروى (رءوسهم) بدل (رءوسنا)، تهاوى: تتساقط، خفف بحذف إحدى التاءين.

<<  <  ج: ص:  >  >>