للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لوجوب انتزاعه من الجميع؛ فإنّ المراد التشبيه باتصال ابتداء مطمع بانتهاء مؤيس.

ــ

لوجوب انتزاعه من أكثر، وهذه العبارة لا يصلح تمثيلها بالآية الكريمة؛ لأنا إذا قصرنا المشبه به على الحمار، لم ننتزع من متعدد.

وعبارة الإيضاح: قد تقع بعد أداة التشبيه أمور، يظن أن المقصود أمر منتزع من بعضها، فيقع الخطأ؛ لكونه منتزعا من جميعها، وهو أحسن من عبارة التلخيص؛ لأن البعض أعم من المتعدد، ويحسن تمثيله بالآية الكريمة.

(تنبيه): قال فى الإيضاح: فإن قيل: هذا يقتضى أن يكون بعض التشبيهات المجتمعة، كقولنا: زيد يصفو ويكدر، تشبيها واحدا؛ لأن الاقتصار على أحد الخبرين، يبطل الغرض من الكلام؛ لأن الغرض منه وصف بأنه يجمع بين الصفتين، ولا يدوم على إحداهما. قلنا: الفرق أن الغرض فى البيت إثبات ابتداء مطمع متصل بانتهاء مؤيس، وكون الشئ ابتداء لآخر زائد على الجمع بينهما، وليس فى قولنا: يصفو ويكدر أكثر من الجمع بين الصفتين. ونظير البيت قولنا: يكدر ثم يصفو؛ لإفادة ثم الترتيب المقتضى للربط، وقد ظهر أن التشبيهات المجتمعة تقارن التشبيه المركب فى مثل ما ذكرنا بأمرين:

أحدهما: أنه لا يجب فيها الترتيب، والثانى: أنه إذا حذف بعضها، لا يتغير حال الباقى إفادة ما كان يفيده قبل الحذف.

قلت: فيما قاله نظر، أما قوله: أن يصفو ويكدر تشبيه، فلا نسلم، وقد تكلمنا عليه، وقلنا: إن" زيد أسد" ليس ملازما للتشبيه، ولو سلمناه، فلا نسلم أن" زيد يصفو ويكدر"، مثل:" زيد أسد". سلمنا أنه تشبيه، فمن أين لنا تشبيهات مجتمعة؟ بل هو تشبيه مركب، ونحن نلتزم أن الاختصار على أحد الخبرين يبطل الغرض، ونقول: لا ينبغى الاقتصار عليه، وهل ذلك إلا كقولك: عن المز هو حلو؟ وتطوى قولك: حامض.

وأما قوله: الغرض فى البيت إثبات ابتداء وانتهاء، وقولنا: يصفو ويكدر، ليس فيه غير الجمع بين الصفتين فمسلم، وغايته أن تركيب التشبيه فى البيت بزيادة ليست فى هذا المثال. وقوله: (إن التشبيهات إذا حذف أحدها لا يتغير المعنى) صحيح، ولكن قولنا:

يصفو ويكدر، يتغير معناه بحذف أحدهما؛ لأن المراد الإخبار بأن صفاءه ينتهى إلى كدر، وبالعكس فليس من التشبيهات المجتمعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>