للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد يذكر فعل ينبئ عنه؛ كما فى: علمت زيدا أسدا إن قرب، و: حسبت ... إن بعد.

ــ

به، بل المشبه به الهيئة الحاصلة. قال بعضهم: فالكاف هنا دخلت على بعض المشبه به، لا على كله. وفيه نظر، فإن الماء ليس بعض المشبه به، بل المشبه به الهيئة الحاصلة، أو النبات الناشئ عن الماء، ولو كان الماء بعض المشبه به لما صدق أنه فى هذه الآية الكريمة ولى الكاف غير المشبه به، فإن مجموع المشبه به وليها شيئا فشيئا، وهذا كما نقول: همزة الاستفهام يليها المستفهم عنه، وقد تليها الجملة، ومن المعلوم أنه يستحيل أن يليها الجملة، إنما يليها أحد طرفيها.

نعم لك أن تقول: المصنف قال فى الإيضاح: شبهت حال الدنيا بحال ماء إلى آخره، فيمكن أن يكون مضاف محذوف، التقدير: كحال ماء، فلم يل الكاف إلا المشبه به، وهو الحال.

قال فى الإيضاح: وليس منه قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ (١) لأن المعنى: كونوا أنصارا، كما كان الحواريون أنصار عيسى حين قال لهم: من أنصارى إلى الله؟

(قوله: وقد يذكر فعل ينبئ عن التشبيه) كعلمت من قولك: علمت زيدا أسدا، ونحو هذا من صيغ القطع، وفيما قاله نظر، أما أولا: فلأنه يرى أن:" زيدا أسدا" تشبيه دون علمت، فالتشبيه إنما هو بالكاف إلا أنها لم تذكر، فلفظ علمت لم يفد تشبيها. وأما ثانيا:

فلأن لفظ علمت لا إشعار له بالتشبيه أصلا، وإنما الذى يحصل بعلمت قرب التشبيه وتقويته، لا لكونه تشبيها، بل لكونه مضمون الجملة المذكورة بعد علمت.

وقوله: (إن قرب) أى إن قرب التشبيه، وقوله: (وحسبت إن بعد) أى: إذا كان التشبيه بعيدا نقول: حسبت زيدا أسدا، وكذلك خلته ونحوهما. هذا فى حسبت إذا استعملت فى الظن الصحيح، والغالب استعمالها فى الظن المخطئ.

(تنبيهات): الأول: اعلم أن المصنف قال: الأصل فى الكاف ونحوها أن يليها المشبه به، واحترز بقوله: الأصل عن أن يليها بعض المشبه به على ما قالوه، أو متعلق به على ما حققناه كما سبق.


(١) سورة الصف: ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>