والمساواة: المشاركة فى الكمية بالذرع والوزن والكيل وقد تعتبر بالكيفية، نحو: هذا السواد، مساو لهذا السواد وإن كان تحقيقه راجعا إلى اعتبار مكانه دون ذاته، والمضارعة المشابهة، والنظير المثل مطلقا، والأخ حقيقته المشارك لغيره فى أب أو أم، ثم أطلق على المشارك فى القبيلة، أو فى الدين، ثم استعمل فى كل مساو، ومنه قول ابن الزبير: كان عمر - رضى الله عنه - إذا حدث النبى صلّى الله عليه وسلّم بحديث حدثه كأخى السرار.
قال الزمخشرى فى الفائق: أى كلاما كمثل المساررة، والمحاكى المشابه مطلقا، وأما الصنو فتصاريفه تدل على أنه المشارك لغيره فى الأصل الذى خرجا منه فالإنسان صنو أخيه لاشتراكهما فى أب أو أم، وصنو عمه أو أبيه لاشتراكهما فى الجد، والغصنان الخارجان من شجرة صنوان، والكفؤ والنظير.
وقال عبد اللطيف البغدادى فى قوانين البلاغة: إن قولك: زيد كعمرو أو مثله أو شبهه أو نظيره موضعه الأمور العلمية والمعارف النظرية، وقد تستعمله الخطباء والبلغاء لاشتراكهم فى معناه، كما يقال: هذا المربع مثل ذلك المربع، وهذا نظير هذا، والأرز كالحنطة فى تحريم التفاضل، وأما ياء النسب فقاله عبد اللطيف أيضا، وعد من الشبيه بها قولهم: لون أحمرى ووردى.
الثامن: فى ذكر ما بين هذه الصيغ من التفاوت لم يتعرض المصنف ولا غيره للفرق بين ما ذكره من هذه الصيغ، بل يقتضى كلامهم أن معناها واحد وأن رتبتها متساوية، والتحقيق فى ذلك أن يقال: إن كان شئ من هذه الصيغ يدل على المشابهة من كل وجه فهو أبلغ الصيغ، والذى قد يتخيل فيه ذلك كلمات، إحداها كلمة المساواة، فإن الأصوليين اختلفوا فى أن فعل المساواة فى حال الإثبات للعموم أو الخصوص، والشافعية وأكثر الأصوليين على أنها للخصوص، ويشهد له كلام الراغب المنقول عن الحنفية أنها للعموم بالمادة بمعنى أنه لا تصدق حقيقة المساواة إلا من كل وجه غير ما يقع به الامتياز وعليه اصطلح المنطقيون وعلى ذلك تنبئ حالة النفى، فنحو: لا يستوى تقتضى العموم عندنا، ولا تقتضيه عندهم، والثانية كلمة مثل، فإن هذا الخلاف فى عموم المساواة لا شك أنه يجرى فى المماثلة، بل هو أدل على ذلك من لفظ المساواة. وقال الشيخ تقى الدين