وينبغى أن يلحق بها مثيل إذا تقرر ذلك، فنقول: إما أن يثبت فى شئ من هذه الأدوات أنه يعم جميع أنواع الشبه أو لا - فإن ثبت فيه ذلك فلا إشكال أنه أبلغ فى التشبيه مما لم يثبت، وما لم يثبت فيه ذلك إن اختص شئ منه بنوع من أنواع الشبه - كما زعم الراغب - فلا فضل لصيغة على أخرى إلا أن ما دل على التشابه فى الجوهرية من جنس أو نوع أو فصل أقوى فى التشبيه مما دل على المشابهة فى صفة، والشبه فى الصفة الذاتية أقوى من الشبه فى الخارجية وإن لم يثبت ذلك فالذى يظهر أن الأدوات الاسمية كلها سواء، وإن اختلفت فاختلافها بشهرة استعمال البعض، وأنها مساوية للكاف الحرفية، وكأن لا يقال: دلالة مثل ونحوها على المشابهة أصرح فتكون أقوى؛ لأن قوة هذه الأسماء باعتبار الدلالة على التشبيه، لا أن التشبيه المستفاد بها أبلغ من التشبيه المستفاد من الحرف.
وأما الكاف وكأن فالمتبادر إلى الذهن أن كأن أبلغ. وكذلك صرح به الإمام فخر الدين فى نهاية الإيجاز، وكذلك حازم فى منهاج البلغاء، وقال: وهى إنما تستعمل حيث يقوى الشبه حتى يكاد الرائى يشك فى أن المشبه هو المشبه به أو غيره، ولذلك قالت بلقيس: كَأَنَّهُ هُوَ (١) وعندى فى ذلك تحقيق، وهو بناء هذا على أن كأن بسيطة أو مركبة، فإن قلنا: إنها بسيطة استقام هذا فإن كثرة الحروف غالبا دليل على المبالغة فى المعنى، كما سبق فى أول هذا الشرح، وإن قلنا: إنها مركبة فلا؛ لأنك إن فرعت على رأى ابن جنى فأداة التشبيه بالحقيقة إنما هى الكاف، وأن تأكيد للجملة، وتأكيد الجملة المخبر فيها بالتشبيه لا يدل على المبالغة فى التشبيه، والاعتناء بالتشبيه فى تقديم الكاف المشعرة بالتشبيه من أول وهلة ليس فيه ما يدل على أن المشابهة أبلغ، بل فيه تأكيد الدلالة على مطلق
التشبيه والاعتناء به سواء أكان هو أبلغ أو لم يكن، فيكون مساويا فهو كقولك: إن زيدا كأسد وزيادة، كأن زيدا أسد، على زيد كالأسد لا باعتبار مقدار الشبه بل باعتبار تأكيد مضمون الجملة، وهو الإخبار أو الحكم على ما سبق، وفرق بين تأكيد الحكم بالتشبيه وبين الإخبار بتشبيه مؤكد، وإن فرعت على رأى