للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو تزيينه؛ كما فى تشبيه وجه أسود بمقلة الظبى، أو تشويهه؛ كما فى تشبيه وجه مجدور بسلحة جامدة قد نقرتها الدّيكة.

أو استظرافه؛ كما فى تشبيه فحم فيه جمر موقد، ببحر من المسك موجه الذهب، لإبرازه فى صورة الممتنع عادة.

وللاستظراف وجه آخر، وهو: أن يكون المشبّه به نادر الحضور فى الذهن: إما مطلقا؛ كما مر.

وإما عند حضور المشبه؛ كما فى قوله [من البسيط] (١):

ولازورديّة تزهو بزرقتها ... بين الرّياض على حمر اليواقيت

كأنّها فوق قامات ضعفن بها ... أوائل النّار فى أطراف كبريت

ــ

ومنها: أن يقصد تزيين المشبه فى نفس السامع؛ ترغيبا فيه، كتشبيه وجه أسود بمقلة الظبى.

ومنها: أن يقصد تشويهه، كتشبيه وجه المجدور - أى الذى عليه آثار الجدرى - بسلحة جامدة، قد نقرتها الديكة، وإلى الوجهين أشار ابن الرومى بقوله:

تقول هذا مجاج النّحل تمدحه ... وإن تعب، قلت: ذاقئ الزّنابير (٢)

ومنها: أن يقصد استطراف المشبه، كما فى تشبيه فحم فيه جمر موقد، ببحر من المسك موجه الذهب لإبرازه - أى: إبراز المشبه - فى صورة الممتنع عادة، وهذا من المصنف يقتضى أن كل تشبيه كان المشبه به فيه خياليا، أو وهميا من هذا القسم. ثم قال المصنف:

(وللاستطراف وجه آخر، وهو أن يكون المشبه به نادر الحضور فى الذهن، إما مطلقا كما مر) فى التشبيه ببحر من مسك فإنه نادر مطلقا لكونه لا وجود له فى الخارج، لا يقال: هذا هو القسم الأول؛ لأنا نقول: هو سبب آخر بجامع السبب السابق فى مثاله، فحينئذ يكون القسم السابق مستطرفا باعتبارين لإبراز المشبه فى صورة الممتنع عادة ولندرة حضور المشبه به فى الذهن (وإما) لندرة حضور المشبه به فى الذهن (عند حضور المشبه) أى لندرة استحضار المشبه به حال استحضار المشبه كقوله فى تشبيه بنفسجة:

ولا زوردية تزهو بزرقتها ... بين الرّياض على حمر اليواقيت

كأنّها فوق قامات ضعفن بها ... أوائل النّار فى أطراف كبريت


(١) البيتان لابن المعتز، أوردهما الطيبى فى التبيان ١/ ٢٧٣ بتحقيقى، والعلوى فى الطراز ١/ ٢٦٧.
واللازوردية: البنفسجية، نسبة إلى اللازورد، وهو حجر نفيس.
(٢) البيت لابن الرومى فى عقود الجمان ٢/ ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>