للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول بدلالة اللفظ لذاته (١) ظاهره فاسد، وقد تأوّله السكاكى (٢) ...

ــ

عند السامع، وهو ليس معنى المشترك من حيث هو مشترك. واعتراض المصنف الثانى كان مستغنيا عنه لما ذكرناه من الاعتراض. نعم يصح أن يعترض به المصنف فى نحو قولك:" اعتدّت فلانة بقرء طهر" فله أن يقول: كلام السكاكى يقتضى أن هذا دل على الطهر بنفسه، وليس كذلك بل بقرينة وصفه بالطهر. وأجيب عنه بأن الطهر هنا ليس قرينة لدلالة اللفظ على المعنى، بل لتعيين دلالته على أحد معنييه، بخلاف قرينة المجاز فإنه يعينه للدلالة على معناه.

ص: (والقول بدلالة اللفظ لذاته ظاهره فاسد، وقد تأوله السكاكى).

(ش): لا شك أن دلالة كل لفظ على معناه مع استواء المعانى بالنسبة إليه لا يمكن؛ لأنه ترجيح من غير مرجح، فاختصاص بعضها ببعض لا بد له من مرجح، وذلك إما ذات اللفظ أو غيره، وذلك الغير إما أن يكون وضع الله - تعالى - أو وضع العباد، على أقوال حققناها بأدلتها فى شرح المختصر، ولما كانت متقاربة، وكان الواضح فى الفساد هو القول بأن دلالتها لذاتها ذكره، فقال: والقول بدلالة اللفظ، أى: على معناه لذاته أى لذات اللفظ ظاهره فاسد، إنما قال: ظاهره، لأن له عنده تأويلا. وهذا المذهب منسوب إلى عباد بن سليمان المعتزلى. وتأوله السكاكى على أن المراد أن للحروف خواص تناسب معناها من شدة وضعف وغيره، فإن الحروف تنقسم إلى مجهورة، ومهموسة، وغير ذلك، ووجه فساد هذا القول أنه يفضى


(١) وهو قول عباد بن سليمان الصيمرى، وأتباعه.
(٢) ذكر الخطيب فى إيضاحه تأويل السكاكى لهذا القول، حيث ذكر هناك تفسيرا له، قال الخطيب - بعد ردّه لهذا القول من وجوه -: وتأوّله السكاكى - رحمه الله - على أنه تنبيه على ما عليه أئمة علمى الاشتقاق والتصريف، من أن للحروف فى أنفسها خواصّ بها تختلف، كالجهر والهمس، والشدة والرخاوة والتوسّط بينها، وغير ذلك؛ مستدعية أنّ العالم بها إذا أخذ فى تعيين شئ منها لمعنى لا يهمل التناسب بينهما، قضاء لحق الحكمة، ك الفصم - بالفاء الذى هو حرف رخو -:
لكسر الشئ من غير أن يبين، والقصم بالقاف الذى هو حرف شديد -: لكسر الشئ حتى يبين وأنّ للتركيبات - ك" الفعلان" و" الفعلى" بالتحريك؛ كالنّزوان والحيدى، و" فعل" مثل: شرف، وغير ذلك -: خواصّ أيضا، فيلزم فيها ما يلزم فى الحروف. وفى ذلك نوع تأثير لأنفس الكلم فى اختصاصها بالمعانى" اه. انظر الإيضاح: (ص ٢٤٤ بتحقيقنا).

<<  <  ج: ص:  >  >>