للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه: تسمية الشئ باسم جزئه؛ كالعين فى الربيئة (١)، وعكسه؛ كالأصابع فى الأنامل ....

ــ

ثم أخذ المصنف فى تعداد العلاقات، وكان ينبغى أن يذكر هذه الأمثلة فى مواضعها. فأشار إلى النوع الأول بقوله:" ومنه" أى: ومن المرسل تسمية الشئ باسم جزئه؛ أى: إطلاق اسم جزء الحقيقة على الحقيقة كلها. وقوله:" تسمية" فيه نظر، فإن المجاز الاسم، لا التسمية ومثاله إطلاق العين على الربيئة، فإن الربيئة اسم للشخص الجاسوس سمى عينا وهو اسم جزئه فأطلق الجزء على الكل. وفيه" نظران".

أحدهما: أن العين اسم لجزء الإنسان مطلقا لا بقيد كونه ربيئة، فلم يطلق اسم جزء الربيئة عليه بل أطلق اسم جزء الإنسان المطلق على الربيئة، إذ ليس فى قولنا للربيئة: عين ما يميزها عن عين غيره.

الثانى: أن العين لم تطلق على ما هو كل لها وهو الإنسان مطلقا، بل على إنسان خاص، فهو من إطلاق جزء الشئ على أخص من كله (ثم أقول): إن أراد المصنف أن العلاقة هى الجزئية ففيه نظر؛ لأنه لم يطلق العين على الربيئة؛ لأنها جزء مطلقا؛ بل لأنها جزء مخصوص هو المقصود فى كون الرجل ربيئة، وما عداها لا يغنى شيئا مع فقدها، كما صرح به فى الإيضاح، وإن أراد أن هذا فيه إطلاق الجزء على الكل، والعلاقة ليست مطلق الجزئية استقام، لكنه بعيد من عبارته وعبارة غيره. ونظير إطلاق العين على الربيئة إطلاق الرقبة على الإنسان فى نحو قوله تعالى: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ (٢) ثم قد يقال: ما الذى صرف ذلك عن أن تكون علاقته المشابهة فيكون شبه الجزء بالكل، ألا ترى إلى قول المصنف فى الإيضاح:

صارت العين كأنها الشخص كله، ولفظ كأن للتشبيه، ولك أن تنقل هذا السؤال إلى غالب المجاز المرسل وترده إلى الاستعارة فاعتبره فيها، ثم الذى يظهر أن الربيئة لم يطلق عليه عين؛ لأنها جزؤه، بل سمى عينا باسم مرسله لأنه يشبه عين مرسله فى الإطلاع على الحال، كما يقال: أرسلوا عينهم، وبذلك تتضح الاستعارة فيه، وأن يقال: سمى الربيئة عينا؛ لأنه يشبه العين؛ أى: عين من أرسله وإن أبيت إلا أن تقول: إنه من إطلاق الجزء على الكل، فقل: سمى عينا من


(١) وهى الشخص الرقيب.
(٢) سورة النساء: ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>