للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولا يصح إلا بأن نقول: أطلق الإكاف على بدل بدله لأن ثمن الإكاف: بدله، والعلف المأكول بدل للثمن وإلا فبدل الإكاف، وهو الثمن ليس مأكولا؛ لأن بيع الإكاف بالعلف يندر، ويحتمل أن يقال: تجوز بالإكاف عن الثمن لعلاقة البدلية، وتجوز تقديرا بالثمن عن العلف من علاقة السببية، وبه يحسن أن يقال: إن هذا مثال لعلاقة البدلية، وأن يقال: هو مثال لعلاقة السببية.

ومنها مجاز إطلاق المعرف وإرادة المنكر، كقوله تعالى: وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً (١)؛ لأن المراد" بابا من الأبواب" كذا قيل، وهو كلام سخيف لأن الألف واللام تأتى للعهد الذهنى، ويؤيده أنّ مصحوب هذه نكرة معنى، وإن كان معرفة لفظا، ومنها مجاز إطلاق النكرة وإرادة العموم كقوله تعالى: عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (٢) وقولهم:" امرأ وما اختار" أى: كل نفس، ودع كل امرئ. وفيه نظر؛ لجواز أن تكون كل هنا مضافا محذوفا، ويحتمل أن يقال: أريد حقيقة النفس التى هى أعم منها بقيد الوحدة والتعدد، ومنها مجاز إطلاق المعرف بالألف واللام وإرادة الجنس. نحو: الرجل خير من المرأة، وهو كلام ضعيف أيضا؛ لأن الألف واللام للجنس حقيقة، إلا أن يخرج ذلك على أنها حقيقة فى العموم، فاستعمالها فى غيره مجاز، ويلزم على هذا أن تكون الأداة العهدية مطلقا مجازا، ويفسده قول صاحب المحصول وغيره: الألف واللام للعموم عند عدم المعهود، ومنها مجاز النقص والزيادة، وسيأتيان فى كلام المصنف، ويتبين أنهما ليسا مجازين فى الحقيقة ومنها مجاز المشابهة، وهو الاستعارة، وسيأتى مفردا بالذكر.

(تنبيه): قسم السكاكى المجاز المرسل إلى: مفيد، وخال عن الفائدة، وجعل الخالى عن الفائدة ما استعمل فى أعم من موضوعه، كالمرسن فإنه مستعمل فى الأنف لا بقيد كونه لمرسون وهو فى الأصل موضوع له بقيد كونه

مرسونا، وكالمشفر فى قولنا:" غليظ المشافر" إذا قامت قرينة على أن المراد الشفة لا غير. قال المصنف:

والشيخ عبد القاهر جعل الخالى عن الفائدة ما استعمل فى شئ بقيد مع كونه موضوعا لذلك الشئ بقيد آخر من غير قصد التشبيه، ومثله ببعض ما مثل به السكاكى،


(١) سورة البقرة: ٥٨.
(٢) سورة الانفطار: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>