للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومدار قرينتها فى الأولين على الفاعل؛ نحو: نطقت الحال بكذا خ خ، أو المفعول؛ نحو: [من الرمل]:

قتل البخل وأحيا السّماحا

ــ

وهما مطلوبان، ولا شك أن العداوة والحزن لم يكونا مطلوبين بالالتقاط. وقول المصنف:

للدلالة: أى التشبيه للدلالة يعنى أن الدلالة هى المشبه، وكذلك قوله:" للعداوة" أى العداوة هى المجعولة كالعلة الغائية، فالتجوز وقع فى اللام هنا باعتبار أن ما استقرت عليه عاقبة الالتقاط من العداوة صير الالتقاط كأنه علته الغائية بجامع ما بين العلة الغائية والعداوة التى صار إليها الالتقاط من شئ مترتب على فعل كان غايته فى الواقع، وإن لم يكن غايته فى الذهن عند وجدان الالتقاط، والعداوة والحزن مشبهان، والعلة الغائية وهى الانتفاع مشبه به. وقال بعضهم: إن الاستعارة فى الآية ليست فى اللام، وأسند ذلك بأن ما تعلقت به هو الكون المستفاد من أن، ويكون، لا العداوة والحزن. قال: بل الاستعارة فى" عدوا وحزنا" وهى تهكمية أى ليكون لهم حبيبا وفرحا، وكذلك حالهم قرينة لهذا المعنى ولو أريد حقيقة العداوة لقيل عليهم.

ولما كانت التبعية لا بد لها من القرينة كسائر الاستعارات أخذ فى بيان قرينتها فقال: (ومدار قرينتها فى الأولين)

أى فى الفعل والصفة المشتقة منه (على الفاعل) أى بأن لا يكون صالحا لأن ينسب الفعل، أو الوصف إليه على سبيل الحقيقة نحو:

" نطقت الحال بكذا" فإن الحال ليست مما ينطق حقيقة وهذا مثال للفعل، ومثال الوصف:" رأيت رجلا ناطقا حاله بكذا" وكذلك قولك:" الحال ناطق بكذا" فإن الفاعل وهو الضمير، وهو قرينة على الاستعارة (أو) على (المفعول) بأن لا يكون الفعل، أو الوصف قابلا لأن ينسب إليه حقيقة كقول ابن المعتز:

جمع الحقّ لنا فى إمام ... قتل البخل وأحيا السّماحا (١)

أى أزال البخل، وأظهر السماح، فالقرينة فى هاتين الاستعارتين جعل البخل والسماح مفعولين، وقد تكون القرينة كلا من الفاعل والمفعول، كقوله تعالى: يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ (٢) كذا قيل. وفيه نظر؛ لأن وقوع الخطف على الإبصار ليس


(١) ديوان ابن المعتز ١/ ٤٦٨، والمصباح ص: ١٣٥، والإيضاح بتحقيقى ص: ٢٦٩.
(٢) سورة البقرة: ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>