للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أى ليس مثله شئ،" فالكاف" زائدة وكان" مثله" منصوبا فتغير حكم إعرابه وصار جرا.

قلت: وقد ذكر الوالد فى تفسيره كلاما حسنا فى هذه الآية ها أنا أذكره بنصه لما فيه من الفوائد:" كثر كلام الناس فى الجمع بين" الكاف" و" مثل" وواحد منهما يكفى فى هذا المعنى، وتحصل من ذلك على خمسة أجوبة، أذكرها بعد تقرير الإشكال، وهو أن الجمع بينهما يوهم بظاهره أن المنفى مثل المثل؛ لأن النفى إنما يتسلط على الخبر، و" الكاف" بمعنى" مثل" وهى خبر ليس، وقد دخلت على" مثله" فيكون المنفى مثل مثله، وهو باطل من وجهين: أحدهما، أن مقصود الآية نفى مثله نفسه لا نفى مثل مثله، والآخر أن نفى مثل المثل يقتضى إثبات المثل - تعالى الله عن ذلك - فأقول: أحد الأجوبة أن الكاف زائدة كقول رؤبة:

لواحق الأقراب فيها كالمقق (١)

المقق الطول، ولا يقال فيها كالطول، إنما يقال:" فيها طول" الثانى: أنها للتأكيد، وهو قريب من الأول إلا أنهم شرحوه بمعنى زائد، وهو أن الكاف للتشبيه، ومثل للتشبيه فإذا أردت المبالغة جمعت بينهما فقلت: زيد كمثل عمرو، ومنه قول أوس بن حجر:

وقتلى كمثل جذوع النّخيل (٢)

وقول الآخر:

ما إن كمثلهم فى النّاس من أحد (٣)

وإذا كانت الكاف مؤكدة للتشبيه فى الإثبات انسحب عليها هذا الحكم فى النفى، وقصد بها تأكيد نفى الشبه لا نفى

الشبه المؤكد، وأنشد سيبويه:


(١) البيت من الرجز وهو لرؤبة بن العجاج التميمى فى ديوانه (مجموع أشعار العرب) ص ١٠٦، وتاج العروس (مثل).
(٢) شطر البيت لأوس بن حجر فى ديوانه ص ٣٠ والجنى الدانى ص ٨٨.
(٣) البيت من البسيط، وهو للنابغة الذبيانى فى ديوانه برواية:
عيّت جوابا وما بالربع من أحد
ص: ١٤، واللسان (أصل).

<<  <  ج: ص:  >  >>