للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: ما هو مجموع معان؛ كقولنا - كناية عن الإنسان -: حى مستوى القامة، عريض الأظفار خ خ.

وشرطهما الاختصاص بالمكنىّ عنه.

ــ

كنى بمجامع الأضغان عن القلوب، والأضغان جمع ضغن وهو الحقد، ونحوه قوله يذكر قتله للذئب:

فأتبعتها أخرى فأضللت نصلها ... بحيث يكون اللّبّ والرّعب والحقد (١)

فهذه ثلاث كنايات كل منها مستقل، والنوع الثانى أشار إليه بقوله: (ومنها ما هو) أى من الكناية ما فيه (مجموع معان) مطلوب بها غير صفة ولا نسبة (كقولنا فى الكناية عن الإنسان:" حى مستوى القامة عريض الأظفار") فإن كل واحد من هذه الأوصاف الثلاثة ليس كناية عن الإنسان، ومجموعها كناية عنه؛ لأنه لا يوجد فى غيره، فهى خاصة مركبة كقولنا فى رسم الخفاش:" طائر مركب" وبه يعلم أن قوله:" عدة معان" لا يريد أن تكون ثلاثة بل أكثر من واحد. قال الخطيبى:" ويظهر من هذا أن الرسوم إذا ذكرت مجردة عن الرسومات كانت كناية". وقال الخطيبى - أيضا - فى شرح المفتاح:" إن الحدود والرسوم كناية" قال:" وقد بينا أن دلالة المعرفات كلها على المعرفات دلالة التزام لا غير" وفيما قاله نظر لا نطيل بذكره، ثم قال: (وشرطها) أى شرط الكناية سواء أكانت معنى واحدا أم أكثر (الاختصاص بالمكنى عنه) أى لا يكون موجودا لغير المكنى عنه، وإلا لما انتقل الذهن فى الكناية إلى المكنى عنه لأن الأعم لا يشعر بالأخص، ولك أن تقول: كل كناية لا بد فيها من هذا الاختصاص، فكيف يشترطون ذلك فى هذا النوع فقط؟ وحينئذ فهذه العبارة مقلوبة، والصواب أن يقال:" شرطها اختصاص المكنى عنه بالمعنى أو بالمعانى".

قال المصنف: وجعل السكاكى الأولى قريبة، والثانية بعيدة، وفيه نظر، كأنه يريد أن دلالة الوصف الواحد على

الشئ ليست أبعد من دلالة الأوصاف بل ربما كان الحال بالعكس؛ فإن الرسم التام يفصح عن الحقيقة بما لا يفصح به الرسم الناقص، والتفصيل أوضح من الإجمال، وقد يجاب بأن مراد السكاكى أن الأولى قريبة من حيث التناول والاستعمال؛ لأن الأعم لا يشعر بالأخص. قلت: هذا القسم بجملته فى عدّه من الكناية نظر؛ لأن


(١) البيت للبحترى فى ديوانه (١/ ١٨٦)، الموازنة ص ٢٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>