للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والموصوف فى هذين القسمين قد يكون غير مذكور؛ كما يقال فى عرض من يؤذى المسلمين: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده (١).

أما القسم الأول - وهو ما يكون المطلوب بالكناية نفس الصفة، وتكون النسبة مصرحا بها -: فلا يخفى أن الموصوف بها (٢) يكون مذكورا لا محالة، لفظا أو تقديرا.

ــ

تقدم فى قوله تعالى: وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ (٣) قيل: وقد يظن أن من الكناية قسما رابعا، وهو أن يكون المقصود بالكناية الوصف والنسبة معا، كما قال:" يكثر الرماد فى ساحة عمرو" قيل: وليس ذاك كناية واحدة بل كنايتان: إحداهما: عن المضيافة، والثانية: عن إثباتها لعمرو، ثم قال المصنف: الموصوف فى هذين أى الكناية الثانية والثالثة قد يكون مذكورا كما سبق، وقد يكون غير مذكور كما تقول فى عرض من يؤذى المسلمين:" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" (٤) فإنه كناية عن كون المؤذى ليس مسلما، وليس المراد إثبات وصف للموصوف المذكور، وهو المؤمن، بل المراد نفى وصف عن مقابله وهو المؤذى، وقد يقال:

هذا ذكر الملزوم لإفادة اللازم، لا ذكر اللازم لإفادة الملزوم، وقد قدمنا أن الكناية تنقسم إلى النوعين، فإن قيل: بل هو ذكر اللازم لأنه يلزم من المقصود، وهو أن المؤذى ليس مسلما أن يكون المسلم من سلم الناس منه. قلنا: إنما يلزم من كون المؤذى ليس مسلما أن من سلم الناس منه مسلم، وفرق بين قولنا: من سلم الناس منه مسلم، وقولنا: كل المسلم من سلم الناس منه، واعلم أن المصنف لم يصرح بأن هذه الكناية من القسم الثانى، أو من الثالث لكن ظاهر كلام السكاكى أنها من الثالث، والمطلوب بها نسبة سلبية كما ذكرناه.


(١) حديث صحيح أخرجه الشيخان فى الإيمان وغيرهما.
(٢) من (شروح التلخيص) وفى (متنه): (فيها).
(٣) سورة الزمر: ٦٧.
(٤) لفظ الحديث أخرجه البخارى فى" الإيمان"، وفى" الرقاق"، (١١/ ٣٢٣) (ح ٦٤٨٤)، مسلم (ح ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>