للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله [من الطويل]:

حمامة جرعا حومة الجندل

وفيه نظر!

ــ

وفى التمثيل بهذا البيت نظر سيأتى، وعلى الثانى قول ابن بابك:

حمامة جرعا حومة الجندل اسجعى ... فأنت بمرأى من سعاد ومسمع (١)

قال فى الإيضاح: (وفيه نظر)؛ لأن ذلك إن أفضى باللفظ إلى الثقل فى اللسان، فقد حصل الاحتراز عنه، وإلا فلا يخل بالفصاحة. وقال عبد القاهر: لا شك فى ثقل ذلك فى الأكثر، إنما هو قد يحسن إذا سلم من الاستكراه. قال: ومما حسن فيه قول ابن المعتز:

فظلّت تدير الرّاح أيدى جآذر ... عتاق دنانير الوجوه ملاح (٢)

قلت: وأين الإضافات هنا فضلا عن تتابعها، وإنما هنا إضافتان.

وقد اعترض على المصنف فى قوله: (إن أدى إلى الثقل على اللسان) فقد احترز عنه بأنه إنما تقدم ما يحترز به عن تنافر الكلمات، وهذا ليس كذلك. قلت: والحق التفصيل، فالتنافر الحاصل من التكرار تقدم الاحتراز عنه؛ لأن الكلمات المتماثلة متنافرة. ألا ترى أن التنافر فى وقبر حرب البيت إنما هو تكرار المتماثلات، والتنافر الحاصل من الإضافات لم يتقدم ما يحترز به عنه، وادعى بعضهم التعقيد فى تكرار هذه الضمائر، وفيه نظر؛ لأن رجوعها إلى شئ واحد واضح. فإن فرض ذلك حيث تختلف الضمائر اختلافا لا يظهر معه المعنى، كان عدم الفصاحة للتعقيد، لا للتكرار، ثم قال فى الإيضاح: وقد قال النبى صلّى الله عليه وسلّم:" الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم" (٣). وهذا الحديث رواه ابن حبان فى صحيحه فى النوع


(١) البيت من الطويل، وهو لابن بابك أبو القاسم عبد الصمد بن بابك فى الإيضاح ص ٩، والإشارات والتنبيهات ص ١٣، والتبيان للطيبى ٢/ ٥٢٨، وشرح عقود الجمان ١/ ١٦، وبلا نسبة فى التلخيص للقزوينى ص ٨.
(٢) البيت من الطويل، وهو لابن المعتز فى ديوانه (باب الشراب)، والإيضاح ص ١٠، ودلائل الإعجاز ص ١٠٤، وشرح عقود الجمان ١/ ١٦.
(٣) أخرجه البخارى فى" أحاديث الأنبياء"، (٦/ ٤٨٠)، (ح ٣٣٨٢)، وفى مواضع أخر من صحيحه، بذكر لفظ" الكريم" أربع مرات.

<<  <  ج: ص:  >  >>