للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكون بلفظين:

ــ

كل وجه، وسواء أكان التقابل حقيقيا أم اعتباريا، وسواء أكان بين وجوديين كما هى حقيقة التضاد أم بين

وجودى وعدمى، أو عدميين، فإن قوله تعالى: وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا (١) ليس فيه تقابل حقيقة بين العلم المنفى، والعلم المثبت فى الآية ولكن بينهما تقابل فى الجملة إذا أخذا على الإطلاق، كذا قالوه، وفيه نظر لأنهما إذا أخذا على الإطلاق كان بينهما تناقض لا تضاد، ويمكن الجواب بأنه إذا كان المراد بالتضاد التقابل فهو بين النقيضين أوضح، وقد جمع بين الحقيقى وغيره فى قوله:

يجزون من ظلم أهل الظّلم مغفرة ... ومن إساءة أهل الشّرّ إحسانا (٢)

فمقابلة الإحسان بالإساءة حقيقية ومقابلة الظلم بالمغفرة غير حقيقية، واعلم أن إطلاق المطابقة والطباق على الجمع بين المتقابلين واضح، بمعنى أن الجامع فى الذكر بين المتقابلين طابق بينهما، أى قابل كأنه جعل أحدهما منطبقا على الآخر بمقابلته له، أو لأنهما تطابقا، أى توافقا فى التضاد، فإن التناسب فيه موافق، كما أن التضاد يجعل علاقة كما سبق، أو من باب تسمية الشئ باسم ضده، وهو الشبه بمطابقة الفرس إذا وضعت رجلها مكان يدها، وإطلاق التضاد على الجمع فيه بعد، لأن التضاد فى نفس الأمرين المجموع أحدهما مع الآخر لا نفس الجمع، وهذا اصطلاح لا مشاحّة فيه، والمجاز فيه سائغ، ثم أخذ المصنف فى تقسيم الطباق فهو إنما يكون بلفظين كما اقتضاه كلام المصنف، ولا يرد عليه الاسم المشترك بين ضدين، كالجون إذا ذكر مرتين بمعنييه فإنه لفظان بالشخص، نعم يرد عليه إذا قلنا: إنه يجوز استعمال المشترك فى معنييه، فأطلقنا الجون - مثلا - مريدين معنييه فإنه يصدق عليه حد الطباق، وليس فيه لفظان، لكن الجمهور لا يجيزون استعمال المشترك فى


(١) سورة الروم: ٦، ٧.
(٢) البيت لقريط بن أنيف أحد بنى العنبر، ديوان الحماسة ١/ ٤. وهو بلا نسبة فى" الصناعتين" ص:
٣٤٧، والمثل السائر ٣/ ١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>