للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لِتَسْكُنُوا فِيهِ يعود على الليل وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ يعود على النهار، وقد يقال:

إن كلا منهما يعود إلى الليل والنهار، كما ذكره الزمخشرى احتمالا فى قوله تعالى:

وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ (١) سنذكره فى آخر الكلام، واعلم أن المصنف مثل لهذا القسم بقول ابن الرومى:

آراؤكم ووجوهكم وسيوفكم ... فى الحادثات إذا دجون نجوم

فيها معالم للهدى ومصابح ... تجلو الدّجى والأخريات رجوم (٢)

وفيه نظر من وجوه، منها أنه اشترط - فيما سبق - أن لا يكون فى النشر تعيين فرد منها الفرد من أفراد اللف، وهذا فيه تعيين الأخير للأخير بقوله: والأخريات رجوم فيكون من التقسيم الذى سيأتى، لا من اللف والنشر فإن الظاهر أن قوله: والأخريات جمع أخرى تأنيث آخر بالكسر لا تأنيث آخر بالفتح، ومنها: أنا لا نسلم أن هذا من اللف والنشر، لأن المظروف إذا كان فى أحد أشياء فيها مناسبة ما يصدق أن يقال:

هو فيها، كما جعل الحج واقعا فى أشهر معلومات، وإنما يقع فى بعضها، وإذا ثبت هذا، فلا يتعين أن لكل واحد من المعالم والمصابيح، والرجوم ظرفا من الآراء، والوجوه، والسيوف، لأنه إذا كانت المعالم - مثلا - فى الآراء صدق أن المعالم فى الآراء والوجوه والسيوف؛ لأنه بين الثلاثة تناسبا يصوغ جعل الواقع فى أحدها واقعا فى الجميع، وهو أنها موصلة إلى المقصود، ألا ترى إلى الشاعر، كيف جعلها كلها نجوما فى البيت الأول؟ ومنها أنا وإن قلنا: إنه لا يصح ذلك، فما المانع من أن يراد تحقيق المعنى ويدعى أن فى الآراء وحدها معالم للهدى ومصابيح للدجى ورجوما للعدى؟ وكذلك فى الوجوه والسيوف، فلا يكون من اللف والنشر فى شئ، ومنها سلمنا أن هذا لف ونشر، فليس هذا من القسم الأول، الذى ذكر فيه اللف مفصلا، كما زعم المصنف، بل من القسم الثانى الذى وقع اللف فيه مجملا؛ لأن الضمير فيها هو اللف، فهو كقولك: الزيدان قائم وقاعد، وكقوله تعالى: وَقالُوا لَنْ


(١) سورة الروم: ٢٣.
(٢) البيتان لابن الرومى فى المصباح ص ٢٠٩، والتبيان ص ١٨٧، والطراز ج ٣ ص ٨٨، والإيضاح ص ٥٠٣، ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>