للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن اختلفا فى هيئات الحروف فقط، يسمّى محرّفا، كقولهم: (جبّة البرد جنّة البرد)، ونحوه: (الجاهل إمّا مفرط أو مفرّط)، والحرف المشدّد فى حكم المخفّف؛ كقولهم: (البدعة شرك الشّرك).

ــ

فقوله: جام لنا الأول اسم لا وخبرها وقوله: جاملنا ثانية فعل، أى عاملنا بالجميل، وقد علم بما ذكرناه انقسام الجناس التام والمركب إلى ستة أقسام: متماثل، ومستوفى، وكل منهما إما مركب مرفو، أو متشابه، أو مفروق. واعلم أن قول المصنف:

المركب منهما يدخل فيه ما إذا كانا مركبين من كلمتين مثل: جام لنا وجاملنا وبعضهم فهم أن المراد أن يكون أحدهما مركبا والآخر مفردا، وجعل الذى كلمتاه المتجانستان مركبتان نوعا آخر، سماه جناس التلفيق، ومثله بقول البستى:

إلى حتفى سعى قدمى ... أرى قدمى أراق دمى (١)

ثم القسم الثانى من الأصل، أن يختلف اللفظان فى هيئات الحروف فقط، أى مع الاستواء فى نوعها وعددها وترتيبها، فسمى الجناس محرفا، كقولهم: جبة البرد جنة البرد فالبرد والبرد متفقان فيما عدا الهيئة بضم أول أولهما، وفتح أول ثانيهما، ومثلوه أيضا بقولهم: منع البرد البرد والظاهر أنه تصحيف، - وإن كان صحيحا فى المعنى -، فإن المنقول البرد البرد - بفتح الباءين، والمراد بالبرد الثانى النوم، كقوله تعالى: لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً (٢) ومنه قول الشاعر:

وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا (٣)

ومنه قوله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (٤) ونحوه الجاهل إما مفرط، أو مفرط، نقله فى الإيضاح عن السكاكى ثم استشعر المصنف سؤالا، وهو أن مفرط فيه حرف مشدد فحروفه أربعة، فلا يكون الاختلاف بينه وبين مفرط بالهيئات فقط، بل بالحروف - أيضا - فأجاب بأن المشدد فى هذا الباب فى حكم المخفف نظرا إلى الصورة، وهذا اصطلاح لا مشاحة فيه، وإلا فأى معنى للنظر إلى الصورة والجناس أمر لفظى؟ ثم إن الاختلاف فى الحركة


(١) البيت من مجزوء الكامل وهو للبستى فى شرح عقود الجمان (٢/ ١٤١).
(٢) سورة النبأ: ٢٤.
(٣) اللسان مادة" نقخ" والشطر الأول منه: فإن شئت أحرمت النساء سواكم والبيت للعرجى واسمه عبد الله ابن عمرو بن عثمان بن عفان، ونسب إلى العرج، وهو موضع ولد به.
(٤) سورة الصافات: ٧٢، ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>