للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو فى الآخر؛ كقوله [من الطويل]:

يمدّون من أيد عواص عواصم

وربّما سمّى هذا مطرّفا.

وإمّا بأكثر؛ كقولها [من الكامل]:

إنّ البكاء هو الشّفا ... ء من الجوى بين الجوانح

وربّما سمى هذا مذيّلا.

وإن اختلفا فى أنواعها، فيشترط ألّا يقع بأكثر من حرف:

ــ

فيكون فى كل من الكلمتين حرف ليس فى الآخر؛ بل جعلوا المشدد كالمخفف كما تقدم فى المحرف (أو) بنقص حرف (فى الآخر كقوله) أى أبى تمام:

يمدّون من أيد عواص عواصم ... تصول بأسياف قواض قواضب (١)

(وربما سمى هذا) أى القسم الأخير الناقص (مطرفا) ووجه حسنه أنك تتوهم قبل ورود آخر كلمة أنها هى التى مضت وأتى بها للتأكيد، وفى ذلك تحصيل فائدة جديدة بعد اليأس منها (وإما) أن يكون النقص (بأكثر) من حرف واحد (كقولها) أى الخنساء:

إنّ البكاء هو الشّفاء ... من الجوى بين الجوانح (٢)

فقد نقص فى الأول عن الثانى حرفان، وربما سمى ما نقص عن مجانسه بأكثر من حرف مذيلا، وتسمية هذا مذيلا أظهر فى المثال المذكور، وهو ما إذا كان فى الأول نقص عن الثانى بحرفين، فإنه وقع تذييل الثانى منه، بخلاف ما إذا قيل فى الجوانح الجوا فإن الكلمة الأخيرة فيه غير مذيلة، والتذييل إنما يكون فى الأخير. قوله:

(وإن اختلفا فى أنواعها) إشارة إلى القسم الثالث من أقسام الاختلاف، وهو أن تختلف أنواع الحروف، فمن شرطه أن لا يقع الاختلاف بأكثر من حرف، فإن كان بأكثر خرج عن كونه جناسا. وقوله: (فيشترط) لم يكن به حاجة إلى هذه الفاء الداخلة على


(١) البيت من الطويل، وهو لأبى تمام فى شرح ديوانه (ص ٤٦ / الكتب العلمية)، وأسرار البلاغة (ص ١٧ / شاكر)، والإشارات (ص ٢٩٢)،
والطراز (٢/ ٣٦٢)، وبلا نسبة فى الإيضاح (ص ١٨٧).
(٢) البيت من الكامل، وهو للخنساء فى الإشارات (ص ٢٩٢)، وعقود الجمان (٢/ ١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>