للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٥ - باب ذكر المتردية في البئر، التي لا يوصل إلى حلقها]

٣٠١ - ٤٤٠٨ أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الرحمن، عن حماد بن سلمة، عن أبي العشراء، عن أبيه قال:

قلت: يا رسول الله! أما تكون الذكاة إلا في الحلق واللَّبَّة (١) قال:


= "إذا عز عليك المسان من الضأن، أجزأ الجذع من الضأن، وهو وإن كان ضعيف السند كما بينته في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل" (رقم ١١٣١)، فمعناه هو الذي يتبادر من اللفظ الأول.
ولعل الذي حمل الحافظ وغيره على ارتكاب مثل هذا التأويل البعيد هو الاعتقاد بأن الإجماع على خلاف ظاهر الحديث، وقد قاله الحافظ كما رأيت.
فينبغي أن يعلم أن بعض العلماء كثيرًا ما يتساهلون في دعوى الإجماع في أمور الخلاف فيها معروف، وعذرهم في ذلك أنهم لم يعلموا بالخلاف، فينبغي التثبت في هذه الدعوى في مثل هذه المسألة التي لا يستطيع العالم أن يقطع بنفي الخلاف فيها، كما أرشدنا الإمام أحمد رحمه الله بقوله: "من ادعى الإجماع فهو كاذب، وما يدريه لعلهم اختلفوا" أو كما قال: رواه ابنه عبد الله بن أحمد في "مسائله" [طبع المكتب الإسلامي بتحقيق زهير الشاويش الصفحة ٤٣٩].
فمما يبطل الإجماع المزعوم في هذه المسألة ما روى مالك في "الموطأ" (٢/ ٤٨٢/ ٢) عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يتقي من الضحايا والبدن التي لم تسن. ورواه عبد الرزاق عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر قال:
"لا تجزئ إلا الثنية فصاعدًا" ذكره ابن حزم (٧/ ٣٦١) وذكر بمعناه آثارًا أخرى فليراجعها من شاء الزيادة.
وختامًا أقول: نستطيع أن نستخلص مما سبق من التحقيق: أن حديث هلال هذا:
"نعمت الأضحية الجذع من الضأن" وكذا الذي قبله، وإن كان ضعيف المبنى، فهو صحيح المعنى، يشهد له حديث عقبة ومجاشع، ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت، لما أوردتهما في هذه "السلسلة" ولأوردت بديلهما حديث جابر هذا، ولكن ليقضي الله أمرًا كان مفعولًا، ولله في خلقه شؤون.
(١) اللبة: موضع النحر. ومكان المنحر من الإبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>