للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل إن المشركين قد سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أمر غيبي مستقبلي وهو: إعادتهم بعد موتهم منكرين بذلك البعث، مستبعدين له، فاحتج الله عليهم بخلق السموات والأرض، قال تعالى: {وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (٩٨) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا} (١)، فاحتج تعالى عليهم، ونبههم على قدرته على ذلك، بأنه خلق السماوات والأرض، فقدرته على إعادتهم أسهل من ذلك (٢).

وهذه الدراسات لها صلة وثيقة بالعقيدة من جهة أن هذه الدراسات تتكلم عن أمور غيبية.

وقد جرّت هذه الدراسات ممن لا يؤمن بالغيب إلى إنكار ما أخبر الله عنه ورسوله - صلى الله عليه وسلم - مما يكون في أخر الزمان، منكرين بذلك قدرة الله، نافين لحكمته.

أما أهل الإيمان الذين يؤمنون بالغيب وبقدرة الله وحكمته، وأن الله على كل شيء قدير فكانت عقيدتهم في ذلك الإيمان والتسليم، وعدم الدخول فيما لا علم لهم به وعدم التكلف والتنطع في ذلك، فإن الكلام في مثل هذه الأمور ليس من موضوع علوم الفلك ونحوها (٣)، وإنما يتكلم فيه حسب النصوص الشرعية، مع الجزم واليقين بوقوعها لأن الله أخبرنا بذلك، قال


(١) الإسراء: ٩٨ - ٩٩.
(٢) انظر: تفسير ابن كثير: ٣/ ٦٩، والكون والإنسان في التصور الإسلامي لحامد صادق قنيجي، مكتبة الفلاح، الكويت، ط ١: ٧٣.
(٣) انظر: ما دل عليه القرآن مما يعضد الهيئة الجديدة القويمة بالبرهان لمحمود شكري الألوسي، تحقيق: زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت، ط ٢: ٧٩.

<<  <   >  >>