للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلها تزلزل، وليس الأمر كذلك، والله أعلم" (١).

ثم إن وجود هذه الأسباب التي خلقها الله تعالى، التي متى وجدت وجد الزلازل هذا لا يمنع أبداً من تغير هذه السنة، ووقوعها في مناطق صلبة.

والله - عز وجل - لم يخلق الأشياء ولم يقدرها إلا لحكمة، وحصر الحكمة والعلة في الظواهر الطبيعة، من تغير في سير الأرض، ومواقع الجزر والقارات: تحكم بغير دليل.

ولما حدث الخسف بقارون فعلاً لم يكن السبب أن القشرة الأرضية كانت لينة وهينة بل السبب أنه عصى الله ورسوله، قال الله عنه: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ} (٢).

وعندما أخبر - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل الذي خسف به لم يقل: إن السبب في الخسف هزة أرضية بل خسف به بسبب تكبره وتجبره، قال - صلى الله عليه وسلم -: " بينما رجل يجر إزاره من الخيلاء إذ خسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة" (٣).

وقال تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} (٤).

فقوله: {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} أي الرجفة والخسف (٥)، فلا تنسب الحوادث للطبيعة ولا نشتم الطبيعة لأنها غير فاعلة، وإنما الفاعل هو الله،


(١) مجموع الفتاوى: ٢٤/ ٢٦٤، وانظر: كشف الصلصلة في وصف الزلزلة: ٢٥.
(٢) القصص: ٨١.
(٣) صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب (٥٤): ٦٧١ برقم (٣٤٨٥).
(٤) الأنعام: ٦٥.
(٥) تفسير القرطبي: ٧/ ٩.

<<  <   >  >>