للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول وزيادة. ولهذا تجد أسئلة الأنبياء وأتباعهم في القرآن بلفظ الربوبية غالباً، فإن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة" (١).

هذا من جهة ربوبية الله لمخلوقاته، أما من جهة عبودية المخلوقات لله - عز وجل - فهي أيضاً على نوعين: عبودية عامة، وعبودية خاصة.

قال ابن القيم - رحمه الله - في بيان انقسام العبودية إلى عامة وخاصة: " العبودية نوعان: عامة وخاصة، فالعبودية العامة عبودية أهل السماوات والأرض كلهم لله برهم وفاجرهم مؤمنهم وكافرهم فهذه عبودية القهر والملك، قال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (٨٩) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (٩١) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ (٩٢) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} (٢)، فهذا يدخل فيه مؤمنهم وكافرهم (٣) ...

وأما النوع الثاني فعبودية الطاعة والمحبة وإتباع الأوامر، قال تعالى: {يَاعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} (٤)، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} (٥) ...

فالخلق كلهم عبيد ربوبيته، وأهل طاعته وولايته هم عبيد إلهيته" (٦).

فدل ما سبق على أن للعبودية معنى عاما وهو: القهر والتسخير، وهو


(١) القواعد الحسان: ٨٣، وانظر: العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق: محمد زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت، ط ٢: ٧ - ٥٢.
(٢) مريم: ٨٨ - ٩٣.
(٣) انظر: العبودية: ١٠٤.
(٤) الزخرف: ٦٨.
(٥) الزمر: ١٧ - ١٨.
(٦) مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين لابن القيم، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء: ١/ ١٠٥.

<<  <   >  >>