للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يشمل جميع الكائنات كلها، ومعنى خاصا وهو: الطاعة والمحبة والإتباع، وهو يشمل أهل طاعة الله وولايته.

وهذا الكون الواسع بما فيه من الكائنات كلها يخضع لخالقه وباريه ويؤدي عبوديته له سبحانه. وقد جاء في النصوص الشرعية ما يدل على دخول الكائنات - غير الإنسان- في المعنى الخاص للعبودية، كالطاعة والسجود والتسبيح والاستغفار والإسلام والإشفاق والخشوع وسماع الأذان وشهادتها للمؤذن يوم القيامة وغيرها (١)، وذلك بما أودعه الله فيها من الإدراك والتمييز.

قال تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} (٢).

قال ابن جرير - رحمه الله -: " قال الله للسماء والأرض: جيئا بما خلقت فيكما، أما أنت يا سماء فأطلعي ما خلقت فيك من الشمس والقمر والنجوم، وأما أنت يا أرض فأخرجي ما خلقت فيك من الأشجار والثمار والنبات، وتشقَّقِي عن الأنهار {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} جئنا بما أحدثت فينا من خلقك، مستجيبين لأمرك لا نعصي أمرك" (٣).

وقال تعالى مخبراً عن سجود الكائنات: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ


(١) انظر: رسالة في قنوت الأشياء كلها لله تعالى لشيخ الإسلام ابن تيمية، ضمن جامع الرسائل لابن تيمية، المجموعة الأولى، تحقيق: محمد رشاد سالم، دار العطاء، الرياض، ط ١: ٣ وما بعدها، وعبودية الكائنات لرب العالمين لفريد إسماعيل التوني، مكتبة الضياء، جدة، ط ١: ٢٤٤ وما بعدها.
(٢) فصلت: ١١.
(٣) تفسير الطبري: ٢٤/ ١١٤، وانظر: تفسير ابن كثير: ٤/ ١٠١.

<<  <   >  >>