للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} (١)، فيجب على المرء الإيمان به ويكل علمه إلى الله تعالى" (٢).

وقال ابن تيمية - رحمه الله - في الرد على من فسر السجود والتسبيح بنفوذ مشيئة الرب وقدرته فيها ودلالتها على الصانع فقط: " وأما تفسير سجودها وتسبيحها بنفوذ مشيئة الرب وقدرته فيهما ودلالتها على الصانع فقط فالاقتصار على هذا باطل؛ فإن هذا وصف لازم دائم لها لا يكون في وقت دون وقت، وهو مثل كونها مخلوقة محتاجة فقيرة إلى الله تعالى وعلى هذا فالمخلوقات كلها لا تزال ساجدة مسبحة، وليس المراد هذا فإنه قال تعالى: {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (١٨) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ} (٣). وقال: {كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} (٤)، فقد أخبر سبحانه وتعالى عنه أنه يعلم ذلك، ودلالتها على الرب يعلمه عموم الناس" (٥).

فبيّن - رحمه الله -: " أن دلالتها على الصانع فقط والاقتصار عليه باطل، وذلك لأن الدلالة لا تكون في وقت دون وقت، فإن الله أخبر عن الجبال أنها تسبح مع داود - عليه السلام - بالعشي والإشراق، ولو كان المراد الدلالة على الصانع لكان ذلك في كل وقت" ...

ثم ذكر - رحمه الله - أن الله ذكر أن سجودها يكون طوعاً وكرهاً، ولو كان متعلقاً بانفعالها لمشيئة الرب وقدرته فإن ذلك لا ينقسم إلى طوع وكره، فقال:


(١) الحج: ١٨.
(٢) تفسير البغوي: ١/ ٦٦.
(٣) ص: ١٨ - ١٩.
(٤) النور: ٤١.
(٥) رسالة في قنوت الأشياء كلها لرب العالمين: ١/ ٤٣.

<<  <   >  >>