فسار عبد الله بن سعد بن أبي سرح، حتى حل بعقوبة «٣٨٣» وكان بها بطريق سلطانه من «٣٨٤» طرابلس الى طنجة فقاتله أياما. ثم ان الله قتله وهرب جيشه فتمزقوا وكان المتولي لقتله عبد الله بن الزبير، وبث ابن أبي سرح السرايا ففرقها في البلاد، فأصابوا غنائم كثيرة. فلما رأى ذلك عظماء أفريقية طلبوا الى عبد الله [ابن سعد]«٣٨٥» أن يأخذ منهم ثلثمائة قنطار من ذهب على أن يكف عنهم، ويخرج من بلادهم فقبل ذلك. وقال الواقدي: ان هذا الصلح بلغ ألفي ألف وخمسمائة ألف وعشرين ألفا. فدل على ان القنطار ثمانية آلاف وأربعمائة دينار «٣٨٦» .
فلما صالح عبد الله بن سعد أهل أفريقية رجع الى مصر، ولم ينزل على أفريقية أحدا، ولم يكن لها حينئذ قيروان «٣٨٧» ولا مصر جامع. فلما قتل عثمان وقد كان محمد بن أبي حذيفة بن عتبة ابن ربيعة تغلب على مصر وانغلها على عثمان، وكان الوالي على مصر من قبل معاوية، عمرو بن العاص، ثم عزله معاوية. وولي معاوية بن حديج السكوني فبعث في سنة خمسين الى أفريقية عقبة بن نافع بن عبد قيس بن لقيط الفهري، فبناها واختط قيروانها، وكان موضوعها غيضة ذات شجر وطرفاء فيها السباع والحيات التي لا ترام، وبنى بها المسجد الجامع، ووجه ابن نافع،