يأخذه بالهوينا، وعلى جهة التشفيق يحتاج الى أن يكون من المخاطرة بمهجته وتجشم الامور التي يقيم بها أود مملكته ويصلح معها شأن من يتولى سياسته بمنزلة الحال، في قلة مهواتها هلكة فأن لم يكن معه من شدة النفس وقوة الشكيمة ما يمضي به الامور العظام التي يحتاج في الملك الى امضائها، اضطربت الاحوال التي هو مضطر الى تقويمها، والتاثت الاسباب التي يقصد لنظمها وتعديلها، فان أيسر مخاوف الملوك انهم يحتاجون الى أن تتمكن رهبتهم في نفوس الرعية، ومن ينأ عنهم من الاعداء في المحال النائية، ومع اشتداد الهيبة من الناس اللشيء يقع لهم اضطرار بغضه، ويتمكن في نفوسهم بغضه ومقته والشنأن له والابتهاج بمأساة وخالف محبته على ان هذا المقت للملوك لا يخلو من ان يخالطه الاستكانة، ويشوبه الخضوع والمهانة، ولا تكون المحبة للملك من رعيته نافعة، الا أن يكون معها هيبة، فأن مما هو معلوم من الحكم القديمة «انه الا ينفع الانسان محبته من فوقه «١» ، الا ان يكون معها رحمة، ولا محبة النظير له الا أن يكون معها شفقة، ولا محبة من دونه الا أن يكون معها هيبة» .
ولما قدمناه من بغض العامة للملوك ما قال اردشير بن بابك: في عهده (ان من صيغ العامة بغض الملوك) وفي هذا القول، اذا أتى مطلقا ما يعجب منه لان من يسمعه ولا يعرف سببه ينكره، ويتعجب من كونه، والسبب فيه ان في صيغ الناس محبة، الفراغ والكراهة لمن يأخذ على أيديهم ينحوا بهم نحو الاستقامة ويمنعهم من الجري على ما تقوده اليه نفوسهم من اتباع الهوى والارادة. ومن هذا بغض الصبيان للمؤدبين وكراهة الاحداث للمشايخ.