وقد قال بعض الشعراء اليونانيين: شعرا صورة الشعر لما ثقل من لسانهم الى العربية وبقي معناه (وهو الشيخ عند الاحداث رجل سوء) .
والملك الذي يقصد لاقامة الناس على العدل ويقودهم نحو الواجب مضطر الى أن يكون كما قدمنا مهيبا، مخوف الجانب، يرهب الناس بأكثر مما يرغبهم، ويشتد عليهم بأزيد مما يلين لهم، ويكون معه من الغلظة أضعاف ما يكون معه من الرأفة، لان الذي يجده مستحق السطوة بغية أكثر من مستوجب الرأفة بصالح سعيه [اذا كان القليل من الناس ذوى هدى وحسن استقامة والكثير]«٢» منهم أهل حسب وعرامة. ويجتمع للملك بهيبته مع صلاح رعيته صلاح أعدائه، ومن يقدر غلبته على مملكته ممن هو مقارب له أو نأى عنه، فان في قول رسول الله صلى الله عليه [وسلم]«٣» دليلا بينا على ما قلته وذلك حيث قال (نصرت بالهيبة دون غيرها) فيما كان فيه من الاخلاق الرضية والحكم البليغة والشيم الشريفة وقد جاء في الاثر ما وزع الله بالسلطان أكثر مما وزع بالقرآن، لان القرآن انما هو حكم ومواعظ وترغيب في الجنة وتخويف من النار، فلا جرم ان أكثر الناس لم ينقد لما وجب عليه من الوعظ والانذار دون ما انزل بهم من التأديب والايقاع، وهذا كله أكبر دليل على ان الهيبة من أخص أدوات الملوك التي يكون معها من العامة البغضة، ومما فيه دليل على ما قلته من ذلك أيضا قول شاعر العرب يذكر سادتهم وقياس السادة فيهم