الاعداء والملحدين بالحجج البينة التي تزيل الشبة المضلة والتلاوات الباطلة التي بها ضل وعند من عند وبيان لجميع وجوه الحق ومذاهب الرشد، وما كان يتفق به أيضا من وجوه الصناعات، التي يتخذ بها المكائد والآلات النافعة، في محاربة أهل الجهل، ان قصدوا البيضة وصدهم عنها باهون المساعي، وأيسر المعاني، والله يوفق أمير المؤمنين، ويعينه على مصالح الامة وحراسة الدين، وان يرينا العدل شائعا والقول به مستفيضا ذائعا بقدرته.
ومما أذكره ليقبله الملوك ويأخذوا به، ان أنو شروان وقع الى وزرائه، بأن يسارعوا الى ما يخرج أمره به من أمور الخير وأحواله، من غير تربيت له ولا توقف عنه وان يسألوه عنه وليخبرهم بسببه فيكونوا هم أشد استبصارا فيه وعلما بحقيقة ما يمضى منه، ويتوقفوا عما يخرج به أمره من الشرور، حتى يراجعوه فيه أياما ثلاثة ليتأمل ما أمره به منه حق تأمله، ويستثبت [فيه بما يستثبت]«٤٠» به في مثله، ويعمل بما يوجبه التأمل من امضائه، أو التوقف عنه، وهذه خليقة مع انها شريفة موافقة لما توجبه الديانة، وينفع مثلها في السياسة والمصلحة العامة.
وأخبرني أحمد بن يزيد المهلبي عن أبيه قال: قلت للمعتمد على الله:
ان الكريم ينخدع فقال نعم ذاك: اذا علم انه ينخدع، فأما اذا ظن انه يخدع فلا يخلص المعتمد بقريحته وجودة خاطرة الكرم من الغباء تخليصا بالغا.
ومما تكلم به البلغاء، والملك محتاج الى تقبله، وان كانت أحوال ما قاله هذا البليغ قد قدمنا حاجته اليها في موضعه. فان ما ذكره من فنون ذلك وفروعه هو قوله «الكريم لا تغلبه الشهوة، ولا يحكم عليه الشرة بسوءة، ولا القدرة بسطوة، ولا الفقر بذلة، ولا الغنى بعزة، ولا الصبر