للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نجاهلكم، لنا ما نحن عليه، ولكم ما أنتم عليه، لم نأل أنفسنا خيرا، فأقاموا عند النبيّ عليه السّلام ثلاثا يغدون معه، ويروحون معه حتى علموا قرآنا كثيرا، ثم خرجوا مسلمين، وفيهم نزلت: {وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ} [المائدة:٨٣]، ورجعوا إلى النجاشيّ، فأخبروه بإسلامهم، وبأنّه نبيّ، فأسلم النجاشيّ، وأحسن جوار من كان عنده من أصحاب النبيّ عليه السّلام وازداد في دينه رغبة. (١)

١٠٧ - {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ:} يقعون على الأذقان سجودا، واحده دقن. والمراد بالأذقان:

الوجوه؛ لأنّ الإنسان يعتمد عليه من وجهه. ويحتمل: أنّه كان من أعضاء السجود، ثم نسخ بالجبهة والأنف.

١٠٨ - {إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا:} ما كان موعوده إلا موجودا بفعله، كائنا بتكوينه.

١٠٩ - قال كعب الأحبار: إنّ العبد لتحطّ عنه الخطايا ما دام ساجدا.

١١٠ - {قُلِ اُدْعُوا اللهَ:} ابن عباس: نزلت الآية ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم مخيف بمكة، فكان إذا صلّى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فكان المشركون إذا سمعوا شتموا القرآن ومن أنزله، ومن جاء به، فقال الله لنبيّه عليه السّلام: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ،} أي: بقراءتك، فيسمع المشركون، فيسبوا القرآن، ومن أنزل، ومن جاء به، فقال: {وَلا تُخافِتْ بِها} عن أصحابك، {وَاِبْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً.} (٢)

وعن عروة (٣)، قال: قالت خالتي عائشة: يا ابن أختي، أتدري فيما أنزلت: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها؟} قلت: لا، قالت: بالدعاء، قالت عائشة: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ} أي: بدعائك. وهي معنى قوله: {وَاُذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً (٤)} وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ [الأعراف:٢٠٥].

١١١ - {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ:} أمر بالتحميد هاهنا؛ لنزول القرآن عليه، وإيمان أهل الكتاب به، وانقطاع المشركين في جداله. وقيل: لم يكن يؤمر بالتحميد، ولكنه أمر بالإخبار عن الله تعالى أنه محمود في صفاته لم يجانس شيئا، فيتخده ولدا، ولم يساوه شيء، فيكون معه شريكا، ولم يكن (١٩٦ ظ) ذليلا، فيحتاج من ذلة إلى غيره، فهو محمود في صفاته.


(١) ينظر: تفسير القرطبي ٦/ ٢٥٦.
(٢) ينظر: مسند أحمد ١/ ٢٣ و ٢١٥، وصحيح البخاري (٤٤٤٥)، وصحيح مسلم (٤٤٦) والصحيح من أسباب النزول ٩٥.
(٣) ع: عائشة.
(٤) ع: وخيفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>