للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ} [آل عمران:٧]، فمهما تدبر الإنسان أو تفكر في هذه الآيات فلا يستطيع معرفة تأويلها، لكن الله قد وضح كثيرا منها على طريق الإجمال دون اليقين، أو ما يبينه الرسول صلّى الله عليه وسلّم كما جاء في تفسيره قول الله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ} [النحل:٤٤]، إذ يقول: «ما نزّل إليهم، يدل أن في القرآن ما لا يعلم إلا بالتوفيق النبوي»، ويقول في مكان آخر: «هل كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يعلم تأويل هذا النوع من المتشابه؟ قلنا: يجوز أن يعلم بالتوقيف لا من جهة نفسه، كما علم أشياء من الغيب» (١).

مما يجعل مرد معرفة المتشابه إلى شيء واحد ألا وهو الوحي من الله تعالى لرسوله سواء أكان القرآن الكريم أم السنة النبوية المطهرة.

المطلب الثامن

المكي والمدني

اختلف العلماء في تعريف المكي والمدني إلى ثلاثة أقوال كلّ على اعتبار خاصّ:

الأول: اعتبار زمن النزول، فيكون معنى المكي: هو ما نزل قبل الهجرة، والمدني: ما نزل بعدها سواء نزل بالمدينة أم بغيرها كمكة، أو بالأسفار.

والمؤلف يميل إلى هذا التقسيم إذ ذكر في مطلع سورة المائدة أنها «مدنية إلا قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة:٣]، فإنها نزلت بعرفات، وحكمها مدنية» (٢). مما يبين أن ما نزل بعد الهجرة هو مدني وإن نزل بغير المدينة.

الثاني: اعتبار مكان النزول، فيكون معنى المكي: ما نزل بمكة ولو بعد الهجرة، والمدني: ما نزل بالمدينة.

الثالث: اعتبار الذين توجه إليهم الخطاب، وعلى هذا يكون معنى المكي: ما وقع خطابا لأهل مكة، والمدني: ما وقع خطابا لأهل المدينة.

وأشهر الأقوال وأصحها وأشملها هو القول الأول. (٣)

[وفائدة معرفة المكي والمدني هي]

أولا-العلم بالمتأخر، فيكون ناسخا أو مخصصا على رأي من يرى تأخير المخصص. (٤)

ثانيا-التعرف على مراحل الدعوة الإسلامية، وخطواتها الحكيمة المتدرجة الأحداث.

ثالثا-الوقوف على أساليب الدعوة المختلفة في مخاطبة المؤمنين والمشركين وأهل الكتاب. (٥)


(١) الأصل (٦٢ و).
(٢) الأصل (٩١ و).
(٣) ينظر: الإتقان ١/ ٣٥ والبرهان ٢/ ٦٥.
(٤) ينظر: الإتقان ١/ ٣٥.
(٥) ينظر: مباحث في علوم القرآن ١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>