للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يولد ولذلك يستهلّ صارخا إلا مريم وابنها)» (١).

وعند حديثه عن أسباب نزول قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة:١٠١] نقل عنه حديثين: أحدهما أنّه «لمّا نزل قوله: {وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران:٩٧] قال رجل من الأعراب: أفي كلّ عام يا رسول الله؟ فسكت عنه، فأعاد عليه ثلاث مرّات، فاستغضب، فمكث طويلا ثمّ تكلّم فقال: من هذا السّائل، قال الأعرابيّ: أنا، فقال: ويحك ما يؤمنك أن أقول نعم، لو قلت نعم لوجبت، ولو وجبت لكفرتم، فأنزل الله الآية» (٢). وفي الحديث الآخر «قال: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات يوم غضبان قد احمرّ وجهه، فجلس على المنبر فقال: لا تسألوني عن شيء إلا أحدّثكم به، فقام رجل وقال: أين أبي؟ قال: في النّار، فقام عبد الله بن حذافة، وكان يطعن في نسبه، فقال: من أبي؟ فقال: أبوك حذافة، فقام عمر وقال: رضينا بالله ربّا وبالإسلام دينا وبالقرآن إماما وبمحمّد نبيّا، يا رسول الله كنّا حديثي عهد في الجاهليّة وشرك فالله أعلم من آباؤنا، قال: فسكن غضبه، ونزلت الآية» (٣).

وفي تفسيره المراد بالحشر في قوله تعالى: {وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} (٣٨) [الأنعام:٣٨] ذكر حديثا آخر فقال: «عن أبي هريرة عنه صلّى الله عليه وسلّم قال: (تقتصّ الشّاة الجمّاء من القرناء)» (٤).

ولما تكلم على قوله تعالى: {وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (٢٠٤) [الأعراف:٢٠٤] استدلّ لمذهب أبي حنيفة في ألا يقرأ المأموم خلف الإمام بحديث نقله عنه فقال:

«وعن أبي هريرة عنه صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: (إنّما جعل الإمام إماما ليؤتمّ به)» (٥).

عبد الله بن عبّاس (ت ٦٨ هـ‍):

وقد نقل عنه كثيرا من الأقوال في التفسير والحديث والفقه والقراءات وغيرها، ففي تفسير الآية الأولى من سورة البقرة نقل قولين عن ابن عباس في معنى قوله تعالى: {الم،} فقال:

«قال ابن عبّاس رضي الله عنهما: الألف: الله، واللام: جبريل، والميم: محمّد، أي: بعث الله


(١) درج الدرر ٣٠٧.
(٢) درج الدرر ٥٠٩.
(٣) درج الدرر ٥٠٩ - ٥١٠.
(٤) درج الدرر ٥٢٩.
(٥) درج الدرر ٦٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>