للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سورة النّساء

مدنيّة (١)، وهي مئة وخمس وسبعون آية، حجازي (٢) بسم الله الرّحمن الرّحيم

١ - {يا أَيُّهَا النّاسُ اِتَّقُوا رَبَّكُمُ:} هذه السّورة تشتمل على أحكام كثيرة، وإنّما ابتدئت بالموعظة ليكون الكلام بعده أوقع في الأسماع، وأنجع في القلوب (٣).

{خَلَقَكُمْ:} من غير تفصيل بين الشهود والغيب للإيجاز. وهو قريب من تغليب المفرد على المضاف، والمذكّر على المؤنّث، والأعمّ وجودا على الأعزّ وجودا.

{نَفْسٍ واحِدَةٍ:} نفس (٤) آدم عليه السّلام، وإنّما أنّث اعتبارا باللّفظ (٥).

{وَخَلَقَ مِنْها:} من تلك النّفس {زَوْجَها:} حوّاء (٦)، قال ابن عبّاس والحسن وإبراهيم:

خلقت من ضلع من أضلاع آدم (٧). وفي الحديث أنّ المرأة خلقت من ضلع فإذا أردت أن تقيمها كسرتها وإن تركتها وفيها (٨) عوج استعنت بها.

وروي أنّ الله ألقى النّوم على آدم وخلق حوّاء من ضلعه اليسرى، فلمّا استيقظ قيل له:

يا آدم ما هذه؟ قال: المرأة؛ لأنّها خلقت من المرء، فقيل: ما اسمها؟ قال: حوّاء؛ لأنّها خلقت من حيّ (٩)، وليس من الحوّة واللّعس (١٠)، كما أنّ آدم ليس من الأدمة بل لأنّه من أديم الأرض (١١).

وإنّما لم تخلق من مائه؛ لأنّ الماء يقتضي رحما يستقرّ فيها ولم يكن ثمّة رحم. وإنّما لم تخلق من غيره لتكون شجنة (١٢) منه فيكون إليها أميل وعليها أقبل، وليكون هذا الجنس بعضهم من بعض.


(١) ينظر: تفسير القرآن الكريم ٢/ ٢٤٢، والتبيان في تفسير القرآن ٣/ ٩٧، وتفسير القرطبي ٥/ ١.
(٢) ينظر: مجمع البيان ٣/ ٥.
(٣) ينظر: معاني القرآن وإعرابه ٢/ ٥، والتفسير الكبير ٩/ ١٥٧ و ١٥٨.
(٤) ساقطة من ع.
(٥) ينظر: معاني القرآن للفراء ١/ ٢٥٢، وتفسير الطبري ٤/ ٢٩٦ - ٢٩٧، ومعاني القرآن وإعرابه ٢/ ٥.
(٦) ينظر: تفسير الطبري ٤/ ٢٩٨، وتفسير القرآن الكريم ٢/ ٢٤٣، والتبيان في تفسير القرآن ٣/ ٩٩.
(٧) ينظر: التبيان في تفسير القرآن ٣/ ٩٩ و ١٠٠.
(٨) في الأصل: فيها، والواو ساقطة، وبعدها في ع: استغنت، بدل (استعنت)، وفي مصادر التخريج: استمتعت، ينظر: سنن الترمذي ٣/ ٤٩٣، ومسند أبي عوانة ٣/ ١٤٢، ونيل الأوطار ٦/ ٣٥٧.
(٩) ينظر: تفسير القرآن الكريم ٢/ ٢٤٣.
(١٠) «اللّعس: سواد اللّثة والشّفة»، «والحوّة في الشّفاه شبيهة باللّعس"، لسان العرب ٦/ ٢٠٧ (لعس) و ١٤/ ٢٠٧ (حوا).
(١١) ينظر: التفسير الكبير ٩/ ١٦١.
(١٢) «الشّجنة والشّجنة: الشّعبة من الشّيء"، لسان العرب ١٣/ ٢٣٣ (شجن).

<<  <  ج: ص:  >  >>