للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الأول

من الظواهر اللغوية

[١ - الاشتقاق]

هو «نزع لفظ من آخر بشرط تناسبهما معنى وتركيبا، وتغايرهما في الصيغة بحرف أو بحركة، وأن يزيد المشتقّ على المشتقّ منه بشيء» (١). أو هو «إنشاء فرع عن أصل يدلّ عليه» (٢).

وذكر السيوطي أنّه «أخذ صيغة من أخرى مع اتّفاقهما معنى ومادّة أصليّة، وهيئة تركيب لها، ليدلّ بالثّانية على معنى الأصل، بزيادة مفيدة لأجلها اختلفا حروفا أو هيئة» (٣).

والاشتقاق من الوسائل التي تنمو عن طريقها اللّغة، ويزداد ثراؤها بالمفردات، فتتمكّن من التّعبير عن الأفكار الجديدة، ووسائل الحياة المستحدثة (٤).

وقد تحدّث العلماء عن أكثر من نوع للاشتقاق، والذي يعنينا هنا هو ما يسمّى بالاشتقاق الأصغر أو العام أو الصّرفي، وسمّاه ابن جنّي الاشتقاق الصّغير وذكر أنّ المراد به «أن تأخذ أصلا من الأصول فتتقرّاه، فتجمع بين معانيه، وإن اختلفت صيغه ومبانيه» (٥). وهو «الذي نستفيد منه في تنمية الألفاظ واستكمال المادّة اللّغويّة» (٦).

وفي (درج الدرر) أمثلة كثيرة عن مشتقّات الألفاظ ذكرها المؤلّف، منها:

في كلامه على البسملة في سورة الفاتحة نقل عن بعضهم أنّ اسم الجلالة (الله) غير مشتقّ، ثمّ نقل رأيين في اشتقاقه فقال: «وقيل: مشتق من وله يوله، وقيل: من لاه يلوه». وتحدّث بعده عن اشتقاق لفظي (الرحمن الرحيم)، فذكر أنّهما «اسمان مشتقّان من الرّحمة» (٧).

وفي قوله تعالى: {حَتّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:١٢٠] ذكر معنى (الملّة)، ثمّ بيّن اشتقاقها فقال: «والملّة: معظم الدّين والشريعة، عن ابن الأعرابيّ، قال أبو العبّاس: يعني بالمعظم: الجملة.

وكأنّها مستعارة من الملّة التي هي الدّية والأرش؛ لأنّها مسنونة مشروعة مثلها. قيل: اشتقاقها


(١) المفتاح في الصرف ٦٢.
(٢) المبدع في التصريف ٥٣.
(٣) المزهر ١/ ٢٧٥.
(٤) ينظر: فصول في فقه العربية ٢٩٠.
(٥) الخصائص ٢/ ١٣٤.
(٦) طرق تنمية الألفاظ ٤٦.
(٧) درج الدرر ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>