للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفسوس (١)، فجعل يدعوهم إلى عبادة الأوثان، وجعل يقتّلهم، فمن كفر بالله، واتّبع دينه تركه، فهدى الله شابّا من أهل تلك المدينة إلى دين الإسلام، فجعل يدعوهم سرّا حتى تابع على ذلك ستّة أغلمة، ففطن بهم الملك، فأرسل إليهم، فأخذهم، فدفعهم إلى آبائهم يحفظونهم حتى يرسل إليهم من يطلبهم من آبائهم، فأرسل إليهم، فهربوا، فقالت الآباء: والله لقد خرجوا من عندنا بالأمس، فلا ندري أين هم؟ ومرّوا بغلام راع (٢) ومعه كلب له، فدعوه إلى أمرهم، فأعجبه ذلك، فتابعهم عليه، ومضى معهم، وتبعه (٣) كلبه، واسم كلبه قطمير، حتى أتوا غار كهف في مفيئه (٤)، فدخلوا فيه، ثمّ أرسلوا بعضهم إلى السوق يشتري لهم (٥) طعاما من السوق، قال: وركب الملك (١٩٧ ظ) والناس معه لطلبهم يسألون عنهم (٦)، فسمع رسولهم بذلك، فعجّل أن يشتري لهم كلّ الذي أرادوا، واشترى بعضا، فأتاهم به، فأخبرهم: أنّ الملك والناس في طلبكم، فأكلوا ممّا أتاهم به، ولم يشبعوا، فقالوا: {رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً،} يقول: مخرجا، ثمّ ناموا على جوعهم، فضرب الله على آذانهم بالنوم سنين عددا، ثلاث مئة وتسع سنين. وقال: ويسير الملك والناس معه يقفون آثارهم حتى انتهوا إلى باب الكهف، فوجدوا آثارهم داخلين، ولم يجدوا آثارهم خارجين، فدخلوا الكهف، فطلبوهم، فعمّى الله عليهم أبصارهم، فلم يجدوا شيئا، فقال دقيانوس: سدّوا عليهم باب الكهف حتى يموتوا فيه، فيكون قبورهم إن كانوا فيه نياما، ثلاث مئة وتسع سنين، ويقلّبون في كلّ عام مرّة مخافة أن تأكل الأرض لحومهم. وعن مجاهد: أنّهم مكثوا ثلاث مئة عام على شقّ واحد، وقلّبوا في تسع سنين. قال الكلبيّ: ثمّ انصرف الملك والناس حين سدّوا عليهم الكهف إلى مدينة أفسوس، وعمد رجلان مسلمان يكتمان إيمانهما من دقيانوس الكافر حين انصرف الجبار، وعمدا إلى اللوح من رصاص، فكتبا فيه أسماء الفتية وأسماء آبائهم ومدينتهم، وأنّهم خرجوا فرارا من دقيانوس الملك الكافر، فمن ظهر عليهم فإنّهم مسلمون، ثمّ ألزقاه في السّدّ من داخل الكهف، وكان دقيانوس أظهر علامات الكفر بالمدينة، وقد دخل الفتية وهم يرونها، وكانوا كلّما غزا ملك تلك المدينة (٧) وظهر عليها أظهر علاماته، إن كان مسلما أظهر علامات


(١) بضم الهمزة وسكون الفاء والسينان مهملتان والواو ساكنة، بلد بثغور طرطوس، يقال: إنه بلد أصحاب الكهف. معجم البلدان ١/ ٢٣١.
(٢) الأصول المخطوطة: راعي.
(٣) الأصل وع وأ: واتبعه.
(٤) الأصول المخطوطة: مفيؤة.
(٥) الأصل وك وأ: بهم.
(٦) الأصول المخطوطة: عنه.
(٧) (وقد دخل تلك الفتية. . . تلك المدينة)، ساقطة من ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>