للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرجع إليهم، فأخبرهم بالحجارة، فأنكروه، وأنكروا (١) الطريق، فقال مكسلمينا عند ذلك: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ} [الكهف:١٩]، ثمّ مضى يمليخا حتى أتى السوق، ولا يعرف أحدا من أهلها، وإذا ملك من الملوك مسلم، يقال له: يستفاد، قد غزا تلك المدينة، فظهر عليها، وكسّر علاماتها، وأظهر علامات المسلمين، فسأل يمليخا: أيّ مدينة هذه؟ قالوا: هذه مدينة أفسوس، قال: فأيّ رستاق هذا؟ فأخبروه، قال: فقال: لقد أصابنا شيء، إنّ هذه لمدينتنا، وإنّ هذه لرستاقنا ما أعرفهما ولا أهاليهما، قال: ثمّ أتى خبّازا وهو يخبز، فقال: يا خبّاز بعني من طعامك هذا، وأخرج ورقه، فلما رآها الخباز أنكرها، وأنكر الرجل، فقال: إنّي لأنكرك، فمن أين لك هذه الدراهم؟ فقال له يمليخا: ولم؟ قال: لأنّ معك دراهم دقيانوس الملك الكافر، وقد ضربت منذ ثلاث مئة سنة وتسع سنين، وأنكرك؛ لأنّك لا تشبه أهل قريتنا، إمّا أن تعطيني من هذا الكنز الذي وجدت، وإمّا أن أرافعك إلى ملكنا المسلم، يقال له: يستفاد الملك، فإنّك قد وجدت كنزا، إنّ هذه الدراهم لدراهم ما نعرفها، فكان كلّ ملك يحدث بعد آخر يضرب دراهمه كلّها على ضربه، فمن وجد معه غير تلك (٢) الدراهم علم أنّه موجد كنزا، فلمّا وجدوا معه تلك الدراهم، قالوا: إنّه لكنز، فقال لهم يمليخا: إنّ هذه الدراهم ما خرجت بها (٣) إلا أمس، فظنّ الخباز أنّه يتجانّ (١٩٨ ظ) عليه ليرسله، فقال: إنّك تتجانّ عليّ لأرسلك، والله لا أرسلك (٤) حتى تعطيني من هذا الكنز، أو أرافعك إلى السلطان، فلمّا رآه لا يعطيه شيئا رفعه إلى ملكهم، فإذا هو رجل متعبّد مجتهد قائم على مسح يجتهد لربّه حين ردّ الله على أهل تلك المدينة دينكم كما كان، وقد جعل قاضيين فقيهين يهيّئان أمر الناس ويدبّرانه، فرفعه الملك إلى ذينك (٥) القاضيين، فسألاه، فقال يمليخا: يجيء [إخوتي] (٦) أو بنو عمي، أو بعض معارفي، وجعل يبكي فرقا أن يرفع إلى ملكهم الجبارّ الذي فرّ منه [فلما أدخل على القاضيين ولم ير الجبّار] (٧) سكن، فقال له القاضيان: دلّنا على هذه الكنز وإلاّ عذّبناك، فقال: ما هذا بكنز، إنّما خرجت أنا وأصحاب لي عشية أمس هاربين من الملك دقيانوس، فقالا له: إنّك رجل شابّ، وذلك الملك قد مضى منذ دهر طويل! قال: فقالوا: مجنون، فرفعوه إلى ملكهم، فسأله (٨)، فقال له: من أين


(١) أ: أنكر.
(٢) الأصول المخطوطة: ذلك.
(٣) ع: بها من المدينة.
(٤) ع: لأرسلك.
(٥) ع: ذلك.
(٦) زيادة يقتضيها السياق.
(٧) ما بين المعقوفتين من أ.
(٨) الأصل وك وأ: فسائله.

<<  <  ج: ص:  >  >>