للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إبراهيم، فينادي بأعلى صوته: من يشتري ما يضرّه ولا ينفعه، ويضرب رؤوسها بقرّاعة معه، ويقول: يا لك غرورا، ثمّ يأتي بها إلى النهر، فينكّس رؤوسها، فيقول: ألا تشربن؟! ما رأيت كاليوم أمرا أعجب يعبدون ما لا يسمع ولا يبصر، ولا ينطق، ولا يدري من عبده أو كفر به! فيقول بعض من يسمع إبراهيم ويقول هذا: أرأيت آزر وهو ثقة الملك على هذه الأصنام، كيف يبعث بها مع هذا المجنون يقول ما يقول من إظهار عيبها؟ فبعضهم يقولون: مجنون، وبعضهم يقولون: ضعيف، وبعضهم يقولون: هو صاحب نمرود، قال (١): وبلغ نمرود كلّ ما يقول واسمه، وحسب له ميلاده، فإذا هو يكون الشهر في الذي تخوّف، والذي (٢) ذبح عليه الولدان، وقد ذبح أكثر من ألف من الولدان، قال: فنظر إبراهيم عليه السّلام نظرة في النجوم {فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات:٨٩]، والسقيم عندهم المطعون، وعرف أنّهم يهربون من الطاعون فرقا من العدوى، فخرجوا من عنده هاربين. (٣)

٥٧ - {وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ:} عن الواقديّ، عن أشياخه قال: كان آلهتهم العظمى عشرة من نحاس على سرر من ذهب مكلّلة بالياقوت والزبرجد، أعينها حمر، لها لهب كلهب النار، لكلّ واحد منها (٤) عينان تتوقّدان في الظلمة، وساتر ملبس بصفائح الذهب، مكلّل (٥) بالياقوت، فلمّا دخل عليها إبراهيم عليه السّلام وجد عندها (٢٢٠ ظ) طعاما كثيرا قد وضعوه، وشرابا من خمر، فأقبل عليها ضربا باليمين، أي: بيمينه التي حلف بها لأكيدنّ أصنامكم، ويقال: بيمينه، أي: بيده، وجعل يقول: ألا تأكلون؟ ألا تشربون؟ وهراق ذلك الطعام، وجعل يكسرها بفأس، ثمّ عمد إلى أعظم العشرة الأصنام، يقال له: براح، فعلّق الفأس عليه، وتركه والفأس معلّقة عليه، وكان فعل إبراهيم هذا بهم وافق عيدا لهم يخرجون إليه، يقيمون فيه (٦) ثلاثا يعكفون، فلمّا رجعوا إلى مدينتهم، وكانوا إذا دخلوا من مغيب، أو خرجوا إلى مغيب سفر لم (٧) يدخل أحد بيتها حتى يسجد لها، وإذا خرجوا (٨) لم يخرجوا حتى يسجدوا لها، وإذا نزل بأحدهم أمر ذهب إليها.


(١) ساقطة من أ.
(٢) ع: والشهر الذي.
(٣) ينظر: تفسير الطبري ٨/ ١٤٢٥.
(٤) الأصل وع وأ: منهما.
(٥) أ: مكللة.
(٦) (يخرجون إليه يقيمون فيه)، مكرر في ع.
(٧) ع: لهم.
(٨) ع: خرج.

<<  <  ج: ص:  >  >>