للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشقوحا منبوحا». (١)

٤٤ - {وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ:} فائدة النفي التنبيه على كونه عليه السّلام مخبرا عن الغيب الذي لا يعلمه مثله إلا بوحي إلهيّ.

{وَلكِنّا كُنّا:} وجه العطف تبعيد ما بين موسى ونبيّنا عليهما السّلام باعتداد الزمان، وتطاول العمر، واستطالته وطوله (٢)، بمعنى قال الله تعالى: {فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ} [الحديد:١٦].

٤٥ - {وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ:} أي: ما أنت بالذي كان فيما بينهم.

{تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا:} فرجعت إلى عادتك.

{وَلكِنّا كُنّا مُرْسِلِينَ:} إيّاه كما أرسلناك (٣).

٤٦ - عن الضحّاك بن مزاحم، عن ابن عباس في قوله: {وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا} قال: لمّا أخذ موسى الألواح ونظر فيها قال: إلهي (٢٥٣ ظ) لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا من قبلي، فأوحى الله: يا موسى، إنّي اطّلعت على قلوب عبادي فلم أجد أشدّ تواضعا من قلبك {اِصْطَفَيْتُكَ عَلَى النّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ} [الأعراف:١٤٤] بجدّ ومحافظة، وكن من الشاكرين، يعني: شهادة أن لا إله إلا الله، ومت على التوحيد، يعني: حبّ محمد عليه السّلام، قال موسى: إلهي، وما محمد؟ فأوحى الله تعالى إليه:

محمد مكتوب على ساق العرش من قبل أن أخلق السماء والأرض بألفي عام، إنّه نبيّي وصفيّي وخيرتي من خلقي، وهو أحبّ إليّ من جميع خلقي ومن (٤) ملائكتي، فقال موسى: إلهي إن كان محمد أكرم عليك من جميع خلقك، وجميع ملائكتك، فهل خلقت أمّة أكرم من أمّتي؟ ظلّلت عليهم الغمام، وأنزلت عليهم المنّ والسلوى، فأوحى الله تبارك وتعالى: يا موسى، إنّ فضل أمّة محمد عليه السّلام على سائر الأمم كفضلي على خلقي، قال موسى: يا ليتني رأيت أمّة محمد عليه السّلام، قال: يا موسى، لن تراهم، ولكن تحبّ أن تسمع كلامهم، قال: نعم يا ربّ، فنادى ربّنا عز وجل: يا أمّة محمد، فأجابوه بالتلبية، لبّيك اللهم لبّيك، لبّيك لا شريك لك، إنّ الحمد


(١) أخرجه أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة ٢/ ٨٧٦، والبيهقي في الاعتقاد ١/ ٣٢٩، وأبو موسى الأصبهاني في نزهة الحفاظ ١/ ٩٢. والمشقوح: المكسور أو المبعد، من الكسر أو البعد. النهاية في غريب الحديث والأثر ٢/ ٤٨٩، ومقبوحا: مبعدا. المرجع السابق ٤/ ٣، والمنبوح: المشتوم. المرجع السابق ٥/ ٤.
(٢) أ: وقوله.
(٣) ع: أرسلنا.
(٤) ع: قال.

<<  <  ج: ص:  >  >>