للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا جلست (١) للناس غدا، وأذنت له، فأتيني فاستعدي على موسى، وقولي: إنّه أرادني على نفسي (٢)، قالت: نعم، فلمّا كان الغد، واجتمع الناس في داره حتى ملؤوها أبطأت عليه، فلم تجئه، فأرسل إليها، فجيء بها، ثمّ أرسل إلى موسى، فجيء به (٣)، فقال له قارون: ما لهذه المرأة تشكوك؟ قال له موسى: ما أدري ما لها؟ قال لها قارون: أخبريه، فقالت المرأة: يا موسى، إنّ هذا جعل لي ما نطقت به وما أردته على أن أزعم على رؤوس الناس أنّك تراودني عن نفسي، وإنّي، والله، ما كنت لأفعل، معاذ الله، لقد برّأك الله من ذلك، فغضب موسى عليه السّلام، واشتدّ غضبه، ثمّ قال: يا عدوّ الله، قد بلغ جرأتك على هذا، وقال له قولا غليظا، فخرج من عنده مغضبا، فدعا الله تعالى، فقال: عبدك قارون الذي عبد دونك وجحدك، وأنكر ربوبيّتك، ثمّ قد أراد أن يرميني به (٤) حتى متى تمهله، يا رب، فأوحى الله إلى موسى: أن قد أمرت الأرض أن تطيعك فمرها بما شئت، فجاء موسى وهو فرح، فدخل على قارون حين اجتمع الناس في داره وملؤوها، فقال: يا عدوّ الله، كربتني، وجحدت الله، وعبدت من دونه في كلام غليظ حتى غضب قارون، وأقبل عليه بكلام شديد، وهمّ به، فلمّا رأى ذلك موسى عليه السّلام فقال: يا أرض خذيهم، وكان قارون على فرش على سرير مرتفع في السماء، فأخذت الأرض بأقدامهم، وغاب سريره ومجلسه في الأرض، وأخذت الأرض بقدميه، وقد دخل من الدار في الأرض مثل ما أخذت منهم على قدرها، وأقبل موسى يوبّخهم، ويغلظ لهم المقالة، فلمّا رأى القوم ما نزل بهم عرفوا أنّ هذا أمر ليس لهم به قوة، قال: فنادوا يا موسى، ارحمنا وكفّ عنّا، وجعلوا يتضرّعون، ويطلبون إليه، وهو لا يزداد إلا غضبا وتوبيخا لهم، ثمّ قال: يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى أوراكهم، فجعلوا يتضرّعون إليه ويسألونه، ثمّ قال: يا أرض خذيهم (٥)، فأخذتهم الى أوساطهم، ثم قال: يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى (٦) آباطهم، فمدوا أيديهم على وجه الأرض رجاء أن يمتنعوا بها، ثمّ قال: يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى أعناقهم، فلم يبق على وجه الأرض إلا رؤوسهم، ولم يبق من الدار إلا شرفها، وكانت الأرض تأخذ من الدار كلّ مرّة مثل ما تأخذه منهم، وهم يتضرّعون في ذلك إلى موسى عليه السّلام ويسألونه، ثمّ قال: يا أرض خذيهم، فاستوت عليهم وعلى الدار، فانطلق موسى وهو فرح بذلك (٢٥٥ ظ) فأوحى الله إليه أن يا موسى تضرّع عبادي إليك ودعوك وسألوك فلم ترحمهم،


(١) ع: أذنت.
(٢) (على نفسي)، ساقطة من ك.
(٣) (فجيء به)، ساقط من ك.
(٤) ساقطة من ع.
(٥) (فأخذتهم إلى أوراكهم، فجعلوا يتضرعون إليه، ويسألونه، ثم قال: يا أرض خذيهم)، ساقطة من ك.
(٦) (أوساطهم، ثم قال: يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى)، ساقطة من ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>