للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عمّ خديجة أخي أبيها، وكان امرأ قد تنصّر في الجاهليّة، وكان يكتب الكتاب العربيّ، فكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت له خديجة: يا ابن عمّي، اسمع من ابن أخيك، فقال له: ابن أخي، ما ترى؟ فأخبره النّبيّ عليه السّلام، فقال ورقة:

هذا النّاموس الذي أنزل على موسى، يا ليتني فيها جذعا (١)، أكون حيّا حين يخرجك قومك، وقال عليه السّلام: «أمخرجيّ هم؟»، قال ورقة: نعم، لم يأت رجل قطّ بمثل ما جئت به إلا عودي (٢) وأوذي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزّرا.

ثمّ لم ينشب ورقة أن توفّي، وفتر الوحي فترة حتى حزن رسول الله، فيما بلغنا، حزنا شديدا غدا منه مرارا كي يتردّى من رؤوس شواهق الجبال، فكلّما أوفى ذروة لكي يلقي بنفسه منها تبدّى له جبريل عليه السّلام، فقال: يا محمد، إنّك رسول الله حقّا، يسكّن بذلك جأشه وتقرّ نفسه، فيرجع، فإذا طال ذلك فترة الوحي غدا بمثل ذلك، فإذا أوفى ذروة جبل تبدّى له جبريل عليه السّلام، فقال له مثل ذلك. (٣)

٦ - {كَلاّ إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى:} ذكر الكلبيّ: أنّ أبا جهل لّما سمع بهذه الآيات أقبل إلى النّبيّ عليه السّلام فقال: يا محمد، فادع لنا ربّك يحوّل هذه الجبال ذهبا لعلّنا نستغني فنطغى في ديننا، ونتّبعك في دينك، فأذن الله لنبيّه أن يأخذ عليهم شرطا كشرط عيسى عليه السّلام على أصحاب المائدة، فأمسك رسول الله عن ذلك نظرا لقومه، وشفقة وإبقاء عليهم. (٤)

١٦ و ١٧ - وعن ابن عبّاس قال: كان رسول صلّى الله عليه وسلّم يصلّى (٥) فجاءه أبو جهل فقال: ألم أنهك (٣٢٥ و) عن هذا؟ فانصرف إليه النّبيّ عليه السّلام، فزجره (٦)، فقال: والله إنّك لتعلم (٧) أنّ ما بها أكثر ناديا منّي، فأنزل الله: {فَلْيَدْعُ نادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ} (١٨)، قال ابن عبّاس: لو دعا ناديه لأخذته زبانية الله سبحانه وتعالى. (٨)

١١ - الذي {كانَ عَلَى الْهُدى:} النّبيّ عليه السّلام. (٩)


(١) الأصول المخطوطة: جزعا، والتصويب من كتب التخريج.
(٢) ك: عودك.
(٣) أخرجه أحمد في المسند ٦/ ٢٣٢، والبخاري في الصحيح (٤٩٥٦ و ٦٩٨٢)، وابن حبان في صحيحه (٣٣).
(٤) ينظر: الكشاف ٤/ ٧٨٣، وتخريج الأحاديث والآثار ٤/ ٢٤٧، وتفسير أبي السعود ٩/ ١٧٨.
(٥) الأصول المخطوطة: صلى، والتصويب من كتب التخريج.
(٦) الأصول المخطوطة: فزجر. والتصويب من كتب التخريج.
(٧) (فقال: والله إنك لتعلم) مكرر في الأصل وك وع.
(٨) أخرجه أحمد في المسند ١/ ٢٥٦ و ٣٢٩، والترمذي في السنن (٣٣٤٩)، والنسائي في الكبرى (١١٦٨٤)، وقال الترمذي: حديث حسن غريب صحيح.
(٩) تفسير الطبري ١٢/ ٦٤٧ عن قتادة، وتفسير السمرقندي ٣/ ٥٧٥، وتفسير السمعاني ٦/ ٢٥٨،

<<  <  ج: ص:  >  >>