للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنّي أسألك (١) أن يقتلوني ويبقروا بطني ويجدعوا أنفي وأدني ويمثّلوا بي، فتقول لي (٢) يوم القيامة: فيم فعل بك هذا؟ فأقول: فيك فيك (٣)، فلمّا كان يوم أحد قيض الله الكفّار ففعلوا به ما تمنّاه، فمرّ به من سمع مقالته فقال: أمّا هذا فقد أعطاه الله في نفسه ما سأله في الدنيا وهو يعطيه ما سأله في الآخرة. ولمّا بلغ الأمر هذا المبلغ همّ صلّى الله عليه وسلّم أن يعمّهم بالدّعاء وأن ينال منهم ضعف ما نالوا فأنزل: {وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا،} الآية [النّحل:١٢٦] (٤).

(من الأمر): الشّأن (٥)، والألف واللام للمعهود، وهو في معنى قوله: {وَمَا النَّصْرُ إِلاّ مِنْ عِنْدِ اللهِ} [آل عمران:١٢٦]، وقوله (٦): {وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ} [الأنفال:١٧].

{أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ:} معطوف على قوله (٧): {أَوْ يَكْبِتَهُمْ،} ويحتمل أنّه في معنى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص:٥٦]. وقيل: {(أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ)} يعني (٨): إلا أن يتوب عليهم (٩) أو يعذّبهم، كقولك: لألزمنّك أو تعطيني حقّي (١٠)، فعلى هذا معناه: ليس لك أن تحكم على أعيانهم بجنّة ولا نار حتما إلى أن يظهر الله أمره ويميز [الله] (١١) الخبيث من الطيّب.

١٢٩ - {وَلِلّهِ ما فِي السَّماواتِ:} يدلّ أنّ إطلاق الملك يوجب نفاذ المشيئة واتجاه العذاب على حكم المشيئة (١٢).

١٣٠ - واتّصال آية الرّبا بما تقدّم من حيث ذكر المنن؛ لأنّها توجب الشّكر والانقياد (١٣).

وإنّما بدأ بالرّبا؛ لأنّه كان من شرائع الجاهليّة، فنهى المسلمين عنه ليدخلوا في السلم كافّة ولا يتشبّهوا بالكفّار (١٤).


(١) في ع: أسلك.
(٢) ساقطة من ك.
(٣) ساقطة من ب.
(٤) ينظر: تفسير البغوي ١/ ٣٥٠.
(٥) في ع: والشأن. وينظر: التفسير الكبير ٨/ ٢١٩.
(٦) ساقطة من ب.
(٧) في الآية السابقة. وينظر: معاني القرآن للفراء ١/ ٢٣٤، وتفسير الطبري ٤/ ١١٤، والتفسير الكبير ٨/ ٢١٩.
(٨) ساقطة من ك. وبعدها في ك وع: إلى، بدل (إلا).
(٩) (يعني إلى أن يتوب عليهم) ساقطة من ب.
(١٠) ينظر: معاني القرآن للفراء ١/ ٢٣٤، والكشاف ١/ ٤١٣، والمحرر الوجيز ١/ ٥٠٦.
(١١) من ب.
(١٢) ينظر: التفسير الكبير ٨/ ٢٢١.
(١٣) ينظر: التفسير الكبير ٩/ ٢.
(١٤) ينظر: البحر المحيط ٣/ ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>