للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جزء واحد من أجزاء الغبار، وذلك ليس بجسم، فإنّ الله (١) تعالى لا يزيد في عقاب ولا يبخس من ثواب ذلك القدر، فإن كان ذلك القدر حسنة ضاعفها (٢) إلى عشرة أمثالها إلى سبع مئة إلى ما شاء من فضله (٣).

وإنّما وصف الأجر بالعظم؛ لأنّه لا ينقص ولا ينفد (٤).

٤١ - {فَكَيْفَ:} في مثل هذا الموضع يقتضي تهويل الأمر، وتقديره: كيف يحتالون (٥)؟ وكيف يصنعون؟ أو كيف هم؟ أو كيف حالهم؟ وحذف المستفهم عنه أبلغ في التّهديد لتذهب (٦) نفس السّامع كلّ مذهب. والمراد بالتّوقيت يوم القيامة كما في قوله: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ} (٧) [النّحل:٨٩].

و (الشّهداء): الأنبياء والمرسلون وسائر الأئمّة (٨)، يقولون: هذا أجاب وهذا لم يجب، وهذا أطاع وهذا لم يطع، وذلك بعد أن يثبت الله أقدامهم وينزل عليهم السّكينة ويذهب بالوجل عن قلوبهم، وأمّا في ابتداء الوهلة فيقولون: لا علم لنا، كما قال: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ،} الآية [المائدة:١٠٩]، وعميت الأنباء على المشهود عليهم أيضا فلا يتساءلون، ثمّ يوفّق الله من يشاء للجواب الصالح، ويجحد من قدر له الجحود، ثمّ ينطق أسماعهم وأبصارهم وجلودهم بفعلهم (٩) فحينئذ يقولون: {شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا} [الأنعام:١٣٠].

عن ابن مسعود أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال له: اقرأ، قال: أعليك (١٠) أقرأ يا رسول الله وعليك أنزل؟ قال: إنّي أحبّ أن أسمعه (١١) من غيري، فقرأ سورة النّساء، فلمّا انتهى إلى هذه الآية دمعت عينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (١٢)، وفي بعض الرّوايات قال: اللهمّ هذا علمي بمن أنا بين ظهرانيهم فكيف


(١) النسختان: فالله، بدل (فإن الله).
(٢) في الأصل وب: ضعفها، وبعدها في الأصل: عشر، بدل (عشرة).
(٣) ينظر: تفسير القرآن الكريم ٢/ ٣٢٤ - ٣٢٥، وتفسير البغوي ١/ ٤٢٧ - ٤٢٨، وزاد المسير ٢/ ١٢٥.
(٤) ينظر: البحر المحيط ٣/ ٢٦٢.
(٥) في ع: يختالون. وينظر في هذه التقديرات: المجيد ٣٦٥ (تحقيق: د. عطية أحمد)، والبحر المحيط ٣/ ٢٦٢، والدر المصون ٣/ ٦٨٢ - ٦٨٣.
(٦) النسختان: ليذهب.
(٧) في الأصل وب: على هؤلاء شهيدا، بدل (شهيدا على هؤلاء).
(٨) في ب: الأنبياء.
(٩) ساقطة من ع.
(١٠) في ب: عليك.
(١١) في ب: سمعه.
(١٢) ينظر: صحيح البخاري ٤/ ١٦٧٣، ومسلم ١/ ٥٥١، وسنن الترمذي ٥/ ٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>