للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكانت تصيب هودا والذين معه بردا وسلاما (١)، والرّيح تقلع الصّخور العظام من رؤوس الجبال فتطير بها في الهواء ثمّ ترضخهم بها فتذوب أجسادهم وعظامهم. وكان ابتداء الرّيح يوم الأربعاء، فلم يبق إلى الأربعاء (٢) الآخر غير الخلّجان، فأقبل إليه هود عليه السّلام آخذا (٣) بعضادتي الفج ورأسه مع قلة الجبل وقال: أيّها العاتي المتمرّد (٤) الجبّار تب إلى الله فارجع عن غيّك فإنّما هو يومك، قال: فهل ربّك محيي أصحابي إن آمنت؟ قال: لا يحييهم ولكن يبارك في الباقين، قال: أفيقيدني من ملائكته؟ قال: إنّ الله لا يقيد أهل معصيته من أهل طاعته (٥)، قال الخلجان: فلنا أسوة بمن هلك ولا أحبّ أن أظهر استكانة لربّك.

وعن ابن سلام أنّ الرّمل بالأحقاف كانت صخورا فصارت بتلك الرّيح رملا، وتلا قوله تعالى: {ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ (٦)} إِلاّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (٤٢) [الذّاريات:٤٢].

قال ابن عبّاس: أرسل الله (٧) عليهم من الرّيح مقدار خاتم، ولو أرسل أكثر لأهلك الأرض كلّها (٨)، والرّيح ريح دبور.

وخلت ديار اليمن عن الأهل إلى أن سيّر نمرود إليها قحطان بن عابر، أخا لام وفالغ ابني (٩) عابر، فتزوّج امرأة من العماليق فولدت له يعرب وجرهم وغيرهما، فعاد أخوال ولد قحطان أخوال ولد إسماعيل عليه السّلام، وتحوّل هود عليه السّلام (١١٨ و) إلى حضرموت بعد هلاك قومه، ثمّ هاجر إلى مكّة وتوفّي بها عليه السّلام، وبالأحقاف من شحر (١٠) قبر يقال:

هو قبر هود عليه السّلام (١١). وبقي في الأرض من عاد بقايا إلى أن حاربهم يوشع بن نون بالشّام وجرهم في الحرم، وكان فرعون منهم من أولاد الوليد بن الرّيان (١٢).

٦٨ - {ناصِحٌ أَمِينٌ:} أي: أهل لأن تأمنوني ولا تتّهموني (١٣)، وقيل (١٤): أمين عند الله


(١) مكانها في ب: وسل لنا.
(٢) في ك: الأربع، وبعدها في ب: الجلجان، بدل (الخلجان)، وكذا ترد فيها قريبا.
(٣) في الأصل وع وب: أخذ.
(٤) في ك: المتهمر، وهو تحريف، وبعدها (تب) ساقطة من ب.
(٥) في ك: معصيته.
(٦) (أتت عليه) ليس في ب.
(٧) ليس في ب.
(٨) ينظر: التخويف من النار ١٠١.
(٩) النسخ الأربع: ابنا، والصواب ما أثبت.
(١٠) في ك وع: شجر. والشّحر: ساحل اليمن بينها وبين عمان، ينظر: غريب الحديث للحربي ١/ ٢٨٧، والصحاح ٢/ ٦٩٤ (شحر)، ولب اللباب في تحرير الأنساب ١٥١.
(١١) (إلى حضرموت. . . السّلام) ليس في ب.
(١٢) في ب: الزياد.
(١٣) ينظر: الكشاف ٢/ ١١٧، والبحر المحيط ٤/ ٣٢٧.
(١٤) ينظر: تفسير الطبري ٨/ ٢٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>